دراما العنف الأسرى من «الصلح خير» إلى المحكمة

تصدر مسلسل «فات الميعاد»، الذى تجرى أحداثه فى إطار درامى، مؤشرات البحث، بسبب واقعية أحداثه، التى بدأت بعرض قصص حياة الشخصيات وصراعاتها من الخلافات العادية التى عادة ما تحمل الأسر خلالها شعار «الصلح خير والتسامح والغفران» إلى تصاعد الخلافات العائلية، وصولًا إلى طريق المحاكم، إذ تزوجت بسمة، التى تقدم دورها أسماء أبو اليزيد، رجلًا أحبته وهو مسعد -الفنان أحمد مجدى- ووافقت على أن تسكن معه فى «بيت العائلة»، وتغافلت عن طريقة تعامل والدته التى لا تليق بها معها، وتوالت الأحداث واتضح أنها وافقت على أن تصبح المسؤولة عن الإنفاق عليه، وأصبح أكثر عنفًا لا يغفر لها شيئًا، وقدم مجدى ضمن الأحداث نموذجًا للرجل غير المتفاهم، الذى يرفض رأى زوجته، بل كأنه يرفض وجودها بشكل عام، ويحدث بين وقت وآخر مشكلات بينهما، وتخطت خلافاتهما المشادة الكلامية، إذ وصلت إلى المشاجرة بالأيدِى ولم يحترم كونها حاملًا، بل انهال عليها بالضربات المتتالية حتى فقدت وعيها، وحملها إلى المستشفى، لتسلط الأحداث الضوء بشكل واضح على العنف الأسرى، بعدما انتشرت الفترة الأخيرة الكثير من الأخبار الخاصة بالحوادث بين مختلف الفئات التى تجسد معانى العنف، رجل يضرب زوجته، وآخر يُنهى حياتها، أو يتعدى على أبنائه وعائلته.
تلك القضية الواقعية عُرضت من قبل فى مسلسلات وأفلام، لكنها فى «فات الميعاد» يجرى تناولها بشكل أعمق وأثار تفاعل الجمهور منذ الحلقات الأولى للمسلسل، ودفعت به لتصدر «التريند» عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعى ومحرك البحث جوجل.
وتحدث المؤلف محمد فريد المشرف على كتابة حلقات مسلسل «فات الميعاد» عن تجربة العمل وتناوله قضية العنف الأسرى وضرب الزوجات، وقال، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: «اختيار قصة العنف الزوجى لأنها قضية اجتماعية حساسة وغالبًا هى مليئة بالمشاعر بمعنى أنها دائمًا عرض لصراعات نفسية واجتماعية وعاطفية لها علاقة بالأبطال نفسهم وبمحيطهم العائلى والاجتماعى كله». وتابع: «لذلك هى قضية غنية والعمل عليها يفتح أسئلة ومشاعر تجعل المشاهدين شغوفين بالمتابعة وفى الوقت نفسه تضعهم أمام أسئلة كبيرة عن العلاقة بين الرجل والمرأة بصفة عامة».
وأضاف: «اختيار مجدى وأسماء وصفوت وغيرهم من الأبطال فى المسلسل كان معياره الوحيد مناسبتهم للأدوار، وأنهم بالأساس ممثلون مهمون وإمكانياتهم كبيرة يقدروا يجسدوا المشاعر المعقدة فى الأدوار بفهم وبإحساس حقيقى وهذا أهم شىء فى اختيار أى ممثل».
وأضاف: «مبسوط جدًا من تفاعل الناس مع الأحداث والأسئلة التى يطرحونها عن الشخصيات وعن العلاقات العائلية بصفة عامة، وأتمنى إن هذا الزخم حول المسلسل يستمر ويزيد لغاية نهاية الحلقة 30».
وقال سعد: أحمد الله وأشكره على تفاعل الجمهور مع المسلسل ومتابعته رغم أحداث الحرب بين إيران وإسرائيل، إذ كان رد الفعل مُدهشا، وكأنه كان مُرضيًا بقدر كبير، بسبب وصول فكرة المسلسل للمشاهدين، وأشكر كل أبطال العمل، الذين لم «يستسهلوا» فى الأداء وتنفيذ الفكرة وتقديمها بشكل مختلف. وبشأن مقارنة البعض بين أداء أحمد مجدى فى المسلسل وأدائه بـ«نصيبى وقسمتك 2»، الذى تعاون فيه مع الفنانة مريم حسن، إذ لعب دور زوجها الذى يتعدى عليها بالضرب، قال هنداوى: لو أحمد مجدى عمل نفس الدور أو فكرة إنه «بيضرب مراته» فى 19 عملا، بالتأكيد لن يتكرر، لأن لكل عمل قصته وفكرته المختلفة، والأمر يعود للشخصية والسيناريو، وفكرة العمل المختلفة. وعن هدفه من مشاهد الأكشن فى المسلسل أوضح: كان هدفى منها أن يصل الإحساس للمشاهدين، وشغلنى طوال الوقت فى كل مشاهد الأكشن فكرة المصداقية بالتمثيل، إذ تعرض مجدى للضرب فى بعض المشاهد وأسماء فى مشاهد أخرى، ولكن فى كل الأوقات كان هدفى الأساسى هو عدم تعرض أى من الأبطال للأذى وعلقت أمل رضوان، أستاذ علم الاجتماع، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، على مسلسلات العنف الأسرى بشكل عام، وفكرة تجسيد المشكلة بالدراما يساعد فى حلها أم تفاقمها، إذ أوضحت أن قضايا العنف الأسرى حقيقية وموجودة فى المجتمع بمختلف فئاته وطبقاته.
وقالت أمل: موضوع العنف الأسرى له أسباب كثيرة، أحيانًا يكون سببه البعد عن الدين أو المفهوم الخاطئ للدين، إذ يظن بعض الرجال أن القوامة هى التعدى على المرأة بالضرب أو قوامة من الناحية الجسدية ولكن ليس تحمّل مسؤوليتها. وتابعت: السبب الرئيسى للعنف الأسرى هو ثقافة المجتمع، الذى يتوارث مقولات مثل «إكسر للبنت ضلع يطلعلها 24»، إذ تداولت بعض هذه الجمل تحت إطار تربية الفتاة أو تهذيبها، ولكن كل هذه الأمور ليست سليمة، إذ تُعتبر تبريرات من المجتمع للرجل الذى يتعدى على المرأة.
وعن تسامح بعض السيدات مع أزواجهن بعد تعديهن عليهن بالضرب قالت «أمل»: فكرة إن الست تسامح أكبر خطأ، لأن الرجل بالتأكيد سيكرر التعدى بالضرب فى موقف آخر تحت مظلة العصبية أو الغضب.
واختتمت: فكرة مسلسل «فات الميعاد» طالما أن البطلة قررت الانفصال ورفض سلوك زوجها بالتعدى عليها، يعتبر تقويمًا لأمور أساسية بالمجتمع، وبالتأكيد يساهم فى حل المشكلة التى تحتاج حكمة، إذ يقدم مجدى شخصية «مسعد» رجل يحتاج تقويما سليما وتوجيها لكيفية إدارة غضبه، إذ يحتاج مساعدة من الخارج من شخص متخصص، وأعتقد أن أحمد مجدى يقدم دور شخص يحتاج طبيبًا نفسيًا.