شراكة صناعية لمستقبل مستدام

“شراكة صناعية لمستقبل مستدام”
كتب / عاطف البطل
1
لقد شهد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة، توقيع شراكة صناعية تكاملية بين الإمارات ومصر والأردن؛ لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وهي صيغة جديدة مبتكرة للتعاون وتعزيز التكامل واستثمار الميزات النوعية لكل دولة؛ تلبيةً لتعزيز العلاقات الأخوية بين تلك الدول، وهي خطة رائدة تعود بالخير والنماء على شعوب هذه الدول جميعها؛ لأنها تقوّي الاستجابة للتحديات المشتركة والأزمات العالمية التي تجتاح العالم، كما أنها توسع الاعتماد على الذات في القطاعات الحيوية التي تتصل بالأمن الوطني، إضافة إلى أنها تستدعي تعميق الشراكة الاقتصادية بين دول المنطقة العربية.
2
إنّ الدول الثلاث تمتلك الكثير من القدرات الاقتصادية من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد بلغ 756 مليار دولار، وبلغت قيمة الصادرات لهذه الدول 419 مليار دولار، في حين بلغت قيمة وارداتها 380 مليار دولار.
وفي مصر وحدها يوجد 120 منطقة صناعية، بلغت صادراتها السلعية منها 32.43 مليار دولار بنسبة نمو بلغت 27% خلال العام 2021م، كما أسهم القطاع الصناعي في الإمارات ب 150 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي.
وأما في الأردن فقد بلغت صادرات القطاع الصناعي 8 مليارات دولار بنسبة 93% من إجمالي الصادرات الوطنية، كما أنه يشغّل ما يقارب من 250 ألف عامل في 17 ألف منشأة صناعية.
(3)
على أنّ هناك خمس مجالات واعدة تمثل القطاعات الصناعية
المستهدفة من هذه الشراكة وهي:
أولا: الزراعة والأغذية والأسمدة.
ويقدر إسهام المنتجات الزراعية والأغذية في الناتج المحلي في
الدول الثلاث 52 مليار دولار في عام 2019بمعدل نمو بلغ
11%، وتمتلك الدول الثلاثة إمكانات عالية في إنتاج الأسمدة
تقدر ب 7.6 مليون طن سنويا؛ مما يهيئ لإنشاء مشاريع
توسعية في إنتاج الأسمدة لتلبية الطلب المتزايد.
ثانيا: المنسوجات.
يتجاوز إسهام صناعة النسيج في الناتج المحلي في الإمارات ومصر والأردن 5 مليارات دولار، وتصل قيمة واردات الألبسة والمنسوجات للدول الثلاث إلى حوالي 9 مليارات دولار سنويا، كما توجد فرص كبرى لمشاريع جديدة خاصة في صناعة البوليستر التي تصل قيمة وارداته إلى أكثر من 600 مليون دولار.
ثالثا المعادن.
هناك فرص في الألمنيوم والحديد والسيليكا والبوتاس لمشاريع بقيمة23 مليار دولار.
رابعا: الأدوية.
تمتلك الدول الثلاثة مجتمعة أكبر مراكز التصنيع في المنطقة، إذ تتعدى 200 مصنع للأدوية بقيمة صادرات تفوق المليار دولار إلى 90 دولة.
وتقدر قيمة سوق الأدوية في الإمارات ومصر والأردن بـــــــ 9 مليارات دولار، كما أنّ هناك فرص لمشاريع في الأدوية تقدر بحوالي 5 مليارات دولار خاصة في مجال إنتاج الأدوية البديلة وتصنيع المكونات الفعالة للأدوية “المواد الخام”
خامسا: البتروكيماويات.
يعد قطاع البتروكيماويات والصناعات التحويلية من القطاعات المهمة في تلك الشراكة، وتوجد فرصة لمشاريع توسعية تقدر بـــــ21 مليار دولار.
(4)
وقد تم بموجب هذه الشركة إنشاء لجنة ثلاثية برئاسة وزراء الصناعة، تتبعها لجنة تنفيذية مكونة من وكلاء الوزارات وممثلي الجهات والقطاعات المعنيّة، تقوم بعدة مهام، منها: العمل مع القطاع الخاص على تسريع وتيرة الفرص ذات الجدوى الاقتصادية، كما أنها تعمل على تحديد الجهات المشاركة ومسارات العمل المطلوبة لتحقيق أهداف هذه الشراكات، إضافة إلى أنها تقوم بمراجعة التقدم المحقق و تسهيل التعاون والإشراف عليه و النظر في قطاعات ومشاريع إضافية للشراكة الاقتصادية الاستراتيجية.
(5)
إن هذه الشراكة الثلاثية ذات أهمية كبرى؛ فهي أول اتفاقية من نوعها في رئاسة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،
رئيس الدولة – حفظه الله ورعاه- وهي تجسيد لسياسة دولة الإمارات بالشراكات الإستراتيجية عالميا، كما أن هذه الدول تشكل قوة اقتصادية ضخمة وهي نموذج عربي يحتذى به في التكامل، وما جاءت هذه الشراكة إلا بعد نتاج عدة قمم ومباحثات سياسية واقتصادية وعسكريه وأمنية بين قادة هذه الدول الذين آمنوا بأنّ العمل الجماعي يحقق الاستقرار ويجابه الأزمات العالمية.
ويتوقع من هذه الشراكة أن تحقق الكثير من النتائج المهمة لشعوب تلك الدول منها، تحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز الأمن الغذائي و الدوائي، و تطوير المزيد من الصناعات المشتركة في المستقبل كما أنها تحسن فرص العمل، و توفر النقد الأجنبي وتعزز الصادرات، إضافة إلى بناء مستقبل مشرق ومزدهر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
(6)
وبمجرد الإعلان عن هذه الشراكة، وجدنا أنها لاقت صدى واسعًا سواء في الإعلام المحلي أم العربي، وقد ظهر ذلك جليا بين شعوب تلك الدول التي ثمّنت ما قام به القادة والمسؤولون الذين بذلوا جهودا مخلصة؛ لتنفيذ تلك الشراكة التي سوف ينعكس أثرها إيجابا على كل المواطنين من شعوب الدول الثلاث، بل وشعوب المنطقة العربية كلها، فهل نرى بلادنا العربية تفعل ذلك؟