من المسؤول…؟

كتب / عاطف البطل
كاتب صحفي
aeatef@gmail.com
لا شك أنّ مأساة الشاب” حسن” أدمت قلوبنا جميعا، تلك المأساة التي حدثت في منطقة دار السلام بمحافظة القاهرة، ذلك الشاب الذي لم يبلغ من العمر العشرين عاما، والذي توفي نتيجة لانقطاع حبل الونش من الطابق الحادي عشر، ذلك الونش الذي يستخدم في نقل الأثاث سواء هبوطا أو صعودا من وإلى الأدوار العليا في البنايات شاهقة الارتفاع، هذه القصة قد أدمت قلوبنا جميعا كغيرها من القصص البائسة التي نسمعها أو نشاهدها بأم أعيننا في مشهد عبثي متكرر سواء في الشوارع والطرق أم في غيرهما، حيث يردد الجميع: حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا إلى ربنا راغبون. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
هذه القصة وغيرها من القصص البائسة، إنما تسلط الضوء مجددا على المسؤولية، مسؤولية مؤسسات الدولة ذات الصلة، التي ما زلنا ننتظر أن تؤدي واجباتها على أكمل وجه، ويحدونا الأمل والتفاؤل أن نرى التجديد فيها بكل ما تحتويه معظمها من عفن الفساد والإهمال وعدم المسؤولية، فما نريده هو سيادة القانون على الجميع…
ولا شك أنّ هناك عدة أسئلة تدور في أذهان الجميع: هل شركات نقل الأثاث في مصر لديها تراخيص لممارسة هذه المهمة الخطرة، وهل هناك اشتراطات للأمن والسلامة يجب أن تلتزم بها، وهل هناك رقابة عليها؟
أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا جميعا، ومعظمنا إن لم يكن كلنا يعرف الإجابة، تلك الإجابة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنّ حياة الشباب الذين يعملون على “الونش” بحثا عن لقمة العيش لا تعني شيئا، ومن يمت فهناك الكثير الذي يأتي غيره، فالكثير من الشباب ينتظر دوره في العمل، عفوا في طابور الموت!
لماذا هناك استهانة بحياة البشر؟ وهل ما يحدث من نهضة شاملة في مصرنا الغالية إلا من أجل البشر.
إن الفساد لا يقتصر على الاستيلاء على أموال دون وجه حق، بل يتخطاه إلى أمور كثيرة، فالشخص غير المناسب للمكان الذي فيه، يعد فسادا، والشخص الذي لا يقوم بعمله بشكل جيد، يعد فسادا، والشخص الذي يتلكأ في إنجاز مصالح الناس ويعطلها يعد فسادا.
ما بالنا نصمت ولا نتحدث عن المشكلات التي يتسبب فيها بعضنا لجميعنا دون رقيب أو حسيب؛ مخافة أن يُعد الكلام حول تلك المشكلات وكأنّ قائله ضد الدولة أو ينتمي لفصيل من هنا وهناك. إنّ الصواب صواب في جميع السياقات، وكذلك الخطأ يظل خطأ مهما كان فاعله، ومهما كان السياق الذي حدث فيه.
ومن الطبيعي أنْ نجد بعض الأفراد يريدون أن يفعلوا ما يريدون، سواء كان صائبا أم خطأ، ولكن ليس من الطبيعي أنْ نجد مسؤولين في مؤسسات الدولة لا يطبقون القانون على هؤلاء الأفراد مما جعلهم يتمادون في ظلمهم وفسادهم وعدم احترامهم للقانون، وهذا يجعل الجميع يصبون حنقهم وغضبهم على مؤسسات الدولة أيا كانت هذه المؤسسات التي من المفترض أن تحمي الجميع وتحافظ على الجميع.
إنّ من أخطر الأشياء أنْ يدرك الجميع أن مؤسسات الدولة غير قادرة – لسبب أو لآخر- على حمايتهم من فئة قليلة تضرب بسيادة القانون عُرض الحائط، فمن المسؤول عن ذلك؟ هل هي الفئة التي لا تلتزم بالقانون، أم الأفراد في مؤسسات الدولة، والمفترض أنهم يطبقون القانون على الجميع دون تفرقة.ِ