التعليم المصري على أعتاب التطوير …. فهل نمنحه فرصة؟

كتب /عاطف البطل
لا أخفي عليكم أني أراقب من كثب عملية تطوير التعليم في مصر منذ فترة، وأتابع ما طرأ من تحديثات في وسائل التعلم عبر المنصات التعليمية أو طرق التقييم، كما كنت أتابع ما يحدث من مدح أو نقد لوزارة التربية والتعليم، سواء كان المدح صادرا من أشخاص لديهم الخبرة في المجال التربوي والتعليمي، أم كان النقد صادرا من أشخاص كانوا منتفعين وقد مُنعتْ منفعتهم، أو من أشخاص متأثرين سلبا دونما قصد، أو مؤخرا من أولياء أمور متأثرين بما لحق أبناءهم، وخصوصًا بعد ظهور نتيجة الطلاب في المرحلة الثانوية، وهذه الفئة الأخيرة قد تكون محقة في لومها إذا ما نظرنا لعدم جودة شبكة الإنترنت في مصر ومدى تأثير ذلك على العملية التعليمية .
ولا ننسى أن نذكر أن عملية التطوير والتحديث في أي مجال دائما تتعرض للنقد أكثر من المدح، فما بالكم من عملية تطوير التعليم التي تؤثر تأثيرا مباشرا على كل أسرة مصرية، باعتبار أن جميع الأسر لديهم أبناء يخوضون غمار عملية التطوير، إذا لا عجب ولا غرابة في كل ما قيل أو يقال عن عملية التطوير في التعليم.
على أن وجوه النقد البناء التي وجهها البعض لوزارة التربية والتعليم لا تتعلق بها بشكل مباشر، وإنما يتخطاها لوزارات أخرى تستعين بها وزارة التربية في عملية التعلم.
لقد رأينا نقدا مباشرا لوزير التربية والتعليم ومطالبة البعض برحيله، رغم أنه ليس المسؤول الوحيد عن عملية التطوير التي تحدث الآن، وإنما هي نتيجة جهود كبرى بذلت وما زالت تبذل من فرق عمل متخصصة (خبراء متخصصون في التربية والتعليم) تعمل منذ عدة سنوات وبالتعاون مع أفضل المؤسسات التعليمية في العالم.
فعملية التطوير التي تحدث الآن هي نتيجة رؤية جماعية يقوم بها خبراء أ كْفاء في مجال التربية والتعليم؛ بهدف تطوير نظام التعليم في مصـر بصورة تتناسب مع مكانة مصر ومنزلتها دوليًا.
إن التغيير الذي طرأ لا يقتصر على التدريب فقط كما كان في الماضي، وإنما تم التركيز في عملية التطوير على التربية والتعليم، وبذلك تقوم المدرسة بواجبها التربوي التعليمي مطبقة عدة إستراتيجيات تعليمية، منها إستراتيجة التقييم من أجل التعلم.. وليس العكس كما كان في الماضي.
حيث كان الطلاب سابقا يتدربون على نماذج الامتحانات، ويقومون بحفظها أو فهمها بهدف أداء الامتحان فقط وليس بهدف التعليم، فكنا نرى الكثير من الطلاب يحصلون على الدرجات الكاملة، ولكن بعد انتهاء الامتحانات نجد أكثرهم لم يتعلم شيئا ونسـي كل شيء، فهل هذا هو التعليم الجيد الذي نريده؟
إن الحصول على الدرجات الكاملة، ليس هو المؤشر الوحيد في الحكم على جودة العملية التعليمية، وقد ظهر ذلك جليا في العبث الذي كان يحدث من مجاميع عالية جدا في سنوات سابقة دون تعبير حقيقي عن مستوى هؤلاء الطلاب جميعهم، ولذلك أرادت وزارة التربية أن تتخلص مما اعتاد عليه الطلاب من تدريب فقط على النماذج الامتحانية، وتجعل الطالب يتعلم المهارة كي تتم عملية التعلم كما ينبغي وتتحسن جودة التعليم التي طال انتظارها.
ومن الخطأ الشائع هو اعتقاد البعض بأن عملية التعلم هي مقصورة على الفهم فقط أو الحفظ فقط، فما فائدة أن يفهم الطالب فهما جيدا أو يحفظ حفظا كاملا، ولكنه لا يستطيع أن يكتب المعلومة بنفسه؟ فعملية التعلم تشتمل على عمليتي الفهم والحفظ معا، فبهما يستطيع الطالب أن يكتب المعلومة دون الرجوع لنص مكتوب أو مساعدة من أحد، فكلاهما مهم ومن غير الصواب تقليل إحداهما عن الأخرى.
إن ما يحدث الآن في مصـر هو تحديث رائع وتطوير جيد، يجب أن يأخذ فرصته كاملة؛ حتى يتم الحكم عليه وتقييمه إيجابا وسلبا، فعمليات التطوير في التعليم بالذات تحتاج لوقت كي نحكم على نجاحها أم العكس.
ومع هذا يجب أن نشير إلى أن عملية التطوير لابد أن يصاحبها نظرة ثاقبة إلى المعلم من جانبين اثنين:
أولهما: من خلال تطوير أساليبه بما يتوافق مع التطوير في بقية الجوانب التعليمية.
ثانيهما: من خلال إعطاء المعلم راتبا يكفيه، ولا يجعل الآخرين ينظرون إليه شذر مذر، وعندها يتم القضاء تماما على الدروس الخصوصية ويعود المعلم معلما، والمدرسة كما كانت.
فالمعلم الذي لا ننظر إليه باعتبار أنه قدوة فلن نتعلم منه شيئًا، ومهما تحدث المعلم أمام الطلاب عن القيم فلن يلتزموا بها ما لم يلتزم المعلم نفسه بذلك أمام الطلاب.
كما يجب النظر بعين الاعتبار لمسوغات قبول الطلاب في كليات التربية والكليات التي تخرّج معلمين ليكون المعلم في أعلاها كما الطبيب.
إننا دائما نردد إن المعلم يبني العقول… كاد المعلم أن يكون رسولا … إلخ، وكله مجرد كلام نظري لا يكاد يفارق ألسنتنا، فلا تسمعه آذاننا، فهل وضع المعلم المعنوي والمادي يليق به؟
من مقالي القادم ….
عاطف البطل