الاستخلاف

فاطمة عبد العزيز محمد
لقد سخر الله الأرض وجعلها مذللة للإنسان كى يستفيد من خيراتها، وسيادة الإنسان على الكون سيادة انتداب(اي نائب الله في ارضه) وليست سيادة تملك وتسلط مطلق، فالإنسان قائم بما يقوم به الموكل من الحفظ والرعاية، وذلك مفهوم الخلافة الذى جاء به الإسلام.
فقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) «سورة البقرة: آية 30».
وقال ايضا: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) «سورة ص: آية 26».
وقد زود الله -تبارك وتعالى- هذا الإنسان بكل وسائل الاستخلاف في الأرض، وسلحه بكل أدوات المعرفة والقدرة على قيادة دفة هذه الْحياة، وَلكي لا يضل ولا يشقى بعث الله -تبارك وتعالى- إِليه المرسلين، وأنزل عليهم الكتب فِيها الشرائع والحق المبين، ولفت أنظارهم إِلى ضرورة الالتزام بآداب الشرائع والأديان، ولم يبح لأحد أَن يخرج عن شيء من ذلك طائعًا مختارًا، وأَشعرهم عظم المسئولية عن الإخلال والتقصير، فقال ربنا -جلت قدرته- فِي الْكتاب الْعزِيز: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].
ولم يشأ الله تعالى أن يكره الإنسان على الالتزام بالمنهج الذي كلفه به، ولكن جعل له حرية الإرادة والاختيار في ذلك، إن شاء التزم وتحمل أعباء التكليف ومشقته، وإن شاء اتبع هواه، كما في قوله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) «سورة البقرة: آية 205.
ولما كان المكلف قادرا مختارا، فإنه يجازى على أعماله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وما ربك بظلام للعبيد (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة/7، 8.