الأقصي إرث إسلامي مقدس

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي هدانا للاسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل بيت المقدس أرض المنشر والمحشر، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أله وصحبه أجمعين والتابعين لهم إلى يوم الدين أما بعد أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله والتوكل عليه “ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” أما بعد لقد اصطفى الله تعالى من البقاع المساجد الحرام وجعلها من الأماكن التي تشد لها الرحال فأردنا أن نقف وقفة وجيزة على أحد هذه المساجد القدس الشريف نصره الله، أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى سيد المرسلين، وقد ذكر في القرءان مصرحا باسمه منوها بقدسيته ومكانته، وقدسه الله وشرفه وخصه بمزايا عظام وبارك فيه وبارك حوله.
وسمي بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظم بالزيارة ولم يكن أنذاك سواهما وبارك حوله ربنا بالثمار ومجاري الانهار وقيل بمن دفن حوله من الانبياء والصالحين وبهذا جعله مقدسا، وإن الأقصى الشريف إرث إسلامي مقدس ليس مصيرا فلسطنيا فحسب بل مصير الأمة الإسلامية قاطبة فمعدن الأنبياء من لدن الخليل إبراهيم إلى نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام وجاء في الاثر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ” بيت المقدس بيت الأنبياء وسكنه الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وصلى فيه نبي أو أقام فيه ملك ” والمسجد الأقصي هو أول بيت وضع على الأرض بعد المسجد الحرام ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا ؟
قال المسجد الحرام، قلت ثم أي ؟ قال المسجد الأقصى قلت كم بينهما فقال أربعون سنة” متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى ومسجدي هذا” وجاء في فضل الصلاة فيه “الصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة” رواه الطبراني والبزار، وأخرج الإمام أحمد في مسنده أن ميمونة مولاة النبي صلي الله عليه وسلم قالت يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال صلي الله عليه وسلم “أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه فإن الصلاة فيه كألف صلاة فيما سواه، قال أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه قال فليهدي إليه زيتا يسرج فيه، فإن من أهدى له كان كمن صلى فيه” وإن في السنة الساسة عشر للهجرة.
فتح المسلمون بيت المقدس في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدخله متواضعا شاكرا لله تعالي فسمح لليهود والنصارى بزيارة القدس وممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة، فرسم المسلمون صورة إسلامية نبيلة دونت بماء الذهب، فبقي القدس تحت كنف المسلمين قرابة خمس قرون ثم احتل من طرف الصلبين قرابة قرن من الزمن إلى أن قيض الله رجالا في صورة الصحابة والتابعين استرجعوا القدس في معركة حطين بقيادة صلاح الدين الإيوبي رحمه الله ورضي عنه وعامل العدو بمثل ما عاملهم به عمر رضي الله عنه، فعفى وأصلح وتجاوز عن المسيئين وفي القرن الماضي لما ضعفت قوة المسلمين وتزعزع بنانها سقط القدس في أيدي اليهود لعنهم الله فمن ذلك الحين إلى يومنا هذا تحت وطئتهم وغطرستهم.
وروى أحمد في مسنده أن النبي صلي الله عليه وسلم قال “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قيل يا رسول الله وأين هم ؟ قال بيت المقدس وأكناف بيت المقدس” فنسأل الله تعالى النصر والثبات والتأييد للإسلام والمسلمين وما ذلك على الله بعزيز، وإن من الواجب علينا قاطبة أن نحب الأقصى وأهله حبا جما ونؤثره على بيوتنا وأراضينا وأن نواسي أهله بالدعاء والمحبة والمال وبكل ما أوتينا من قوة ولا يتأتى ذلك إلا بالاعتصام بحبل الله وسنة نبيه والرجوع إلى جادة الصواب.