أولى الأولويات لبناء المجتمعات

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الملقب بالصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، إن من سماحة الإسلام هو أدب المسلم مع الحيوان فالمسلم يستعمل أدبه حتى في إزهاق نفس الذبيحة فلا يعذبها، ولا يتعبها بسكينته التي لا تذبح، وهذا من الرحمة بالحيوان، ومن توجيهاته صلى الله عليه وسلم، هو حثه على التنظف من آثار الطعام والشراب، وهو الوضوء قبله وبعده، وهذا هو وضوء لغوي، وهناك وضوء شرعي، فالوضوء الشرعي وضوء الصلاة، أما الوضوء اللغوي غسل اليدين والفم، فالإنسان في أثناء النهار أمسك حاجة ملوثة، أمسك حذاءه بيده، أو صافح إنسانا غير نظيف، أو وضع يده على مكان غير طاهر.
فإذا أراد أن يأكل فعليه أن يغسل يديه غسلا جيدا قبل الطعام وبعده، وأن يغسل فمه، هذا وضوء الطعام، ومن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في تنظيف المساجد فحث على نظافة المسجد، فالمسجد بيت الله تعالى جدير بكل رعاية واهتمام، منه يصعد الكلم الطيب، ويرتفع ذكر الله تعالى فيتردد صداه بين جوانح المؤمنين، فقد أمر الإسلام ببناء المساجد، وقال صلي الله عليه وسلم “من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة، أو أصغر، بنى الله له بيتا في الجنة” رواه ابن ماجه، وحث الإسلام على نظافتها من الأوساخ والغبار، فعن أبي هريرة أن رجلا أسود، أو امرأة سوداء، كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فقالوا مات، قال “أفلا كنتم آذنتموني به، دلوني على قبره، أو قال قبرها، فأتى قبرها فصلى عليها” رواه البخاري.
وإن تنمية القيم الإنسانية لدى الإنسان تعتبر من أولى الأولويات لبناء مجتمعات قوية، متماسكة، قادرة على تخطي العقبات المختلفة، والتأسيس لانطلاقة قوية نحو المجد، والرفعة، وتنمية هذه القيمة تبدأ أولا لدى الأجيال الجديدة، والأطفال، منذ مراحلهم العمرية الأولى، فهم الذين سيمسكون زمام القيادة في المستقبل، وهم من يحتاجون إلى وجود قاعدة أخلاقية قوية لديهم، تعينهم على المُضي قدما في حياتهم، لذا فإن انتهاج الأساليب التربوية العلمية عند التعامل مع الأطفال يساعد بشكل كبير على تزويدهم بهذه القيم العظيمة، أما بالنسبة للكبار فإن تنمية القيم الإنسانية لديهم تكون بحاجة إلى رغبة ذاتية أولا، ومُجاهدة كبيرة للنفس، وتزكية لها، ومن ينجح في هذا الأمر، فإنه يضمن الفلاح، والنجاة على كافة الصعد.
وإن الإسلام دين الصلاح والإصلاح، يدعو إلى الخير وينهى عن الشر والإفساد والإفساد في الأرض شيمة المجرمين، وطبيعة المخربين، وعمل المفسدين، ففيه ضياع للأملاك، وضيق في الأرزاق، وسقوط للأخلاق، إنه إخفاق فوق إخفاق، يحول المجتمع إلى غابة يأكل القوي فيه الضعيف، وينقض الكبير على الصغير، وينتقم الغني من الفقير، فيزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقرا، ويقوى القوى على قوته، ويضعف الضعيف على ضعفه والفساد داء ممتد لا تحده حدود، ولا تمنعه فواصل، يطال المجتمعات كلها متقدمها ومتخلفها بدرجات متفاوتة، وإن شرائع السماء كلها نهت عن الفساد في الأرض ودعت الناس إلى عدم الانقياد لهم أو معاونتهم فإن من أعان المفسدين أو رضي بأفعالهم أو تستر عليهم فهو شريك لهم في الإثم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *