لماذا شرعت العبادات؟

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شي عليم واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم، لقد زُين للناس محبة ما يشتهون من النساء والبنين وسائر ما عده الله تعالي، وإنما أراد بذلك توبيخ اليهود الذين آثروا الدنيا وحب الرياسة فيها، على اتباع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بعد علمهم بصدقه، وفي الآيات القرآنية تقرير وبيان لواقع الإنسان وطبيعته، فهو بفطرته يميل إلى حب الشهوات، شهوة النساء والبنين والمال والخيل والأنعام والحرث، بل إن هذه الشهوات مزينة له لحكمة إلهية، وهذا الميل الفطري جزء من تكوينه الأصيل لأنه ضروري للحياة البشرية، لكن الواقع يشهد كذلك بأن في فطرة الإنسان جانبا آخر.
هو تلك النفخة الروحية التي هي قوام إنسانيته وأهم خصائصها، ولهذا الجانب الروحي مطالبه كذلك وحاجاته الحيوية، لكن هذه المطالب الروحية ليست غريزية كالشهوات الجسدية، لذلك يحتاج الإنسان إلى التذكير والترغيب والترهيب كي لا ينساها تحت ضغط الغرائز والشهوات، ويحتاج إلى وازع قوي وإلى رياضة روحية مستمرة، ومجاهدة إرادية دائمة كي يزكي نفسه، ويصونها من الانغماس في الشهوات، والانتكاس إلى مرتبة البهائم، ولهذا شرعت العبادات، وإن من الاخلاق التي يجب ن يتحلى بها المسلم والمسلمة عند البيع والشراء هو السماحة والسماحة في البيع هو أن يتساهل البائع في الثمن والمشتري في المبيع، والتساهل في المعسر بالثمن فيؤجل إلى وقت يساره.
ومما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى” أي طالب بدينه، رواه البخاري، فمن يرجو رحمة الله سبحانه وتعالى، فإنه إذا تعامل مع الناس تعامل بحسن الخلق، لا ليقال خلقه حسن وإن كان من الحسن أن يمدح الإنسان وهو لا يطلب ذلك، وإنما يطلب ما عند الله سبحانه، فإن صاحب الخلق الحسن يكون يوم القيامة في درجة عظيمة جدا بجوار النبي صلوات الله وسلامه عليه بجوار باقي النبيين عليهم السلام، فالعبادة التي نحن مخلوقون لها ليست هي الصلاة وحدها وإن كانت الصلاة من أعظم العبادات ولكن العبادة التي خُلقنا من أجلها هي العبادة بمعناها الأعم، فيدخل فيها العبادات والمعاملات وأحوال الإنسان مع أهله وغيرهم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “اشترى رجل من رجل عقارا، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جَرّة فيها ذهب، فقال الذي اشترى العقار للبائع خذ ذهبك، أنا اشتريت منك الأرض، ولم أشتر الذهب وقال الذي باع له الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد؟ قال أحدهما نعم وقال الآخر لي جارية أي بنت، قال أنكحا الغلام الجارية، وأنفقا على أنفسهما منه فانصرفا” رواه البخاري ومسلم.

عرض الرؤى
معدل وصول المنشور: ٦
أعجبني
تعليق
إرسال