التشجيع على الإنجاز

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد إن من الإيجابيه هو التشجيع على الإنجاز، فالإنجاز المتميز حري أن يشار له ولصاحبه بالبنان، فإن ذكر الإنجاز وحقيقته ومدى إيجابيته في العلاقة بشكل خاص وفي الحياة بشكل عام له تأثيره وصداه في مسيرة العلاقة وديمومتها، وكل صاحب إنجاز يحب أن يذكر إنجازه باسمه، ويعرف بحقيقة قيمته أمام الآخرين، وهذه سنة كونية جُبل الإنسان عليها، فينبغي ألا تترك، ولقد كان السلف الصالح أصحاب مبدأ في هذا المجال، ففي معركة اليرموك بين المسلمين والروم.
استطاع القائد العربي المسلم زهرة بن حيوة قتل القائد الرومي المعروف الجالينوس، وعندما جاء بسلبه استكثر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سلب الجالينوس، فكتب فيه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب عمر رضي الله عنه إلى سعد تعمد إلى مثل زهرة وقد صلي بمثل ما صلي به، وقد بقي عليك من حربك ما بقي تفسد قلبه، أمضِ له سلبه، وفضله على أصحابه عند عطائه بخمسمائة، ولقد جاءت آيات القرآن الكريم بالثناء على مواقف الأنبياء تترى، فمنهم من مُدح بأنه أوّاه منيب، والآخر كان صادق الوعد، والآخر كان حنيفا، ومدح القرآن نبيا آخر بأنه كان صديقا، وهكذا توالى المدح على الأنبياء وهم يستحقون ذلك، ومن عظمة الإسلام وعلو ورقي شأنه، وعجيب نظامه، ودقة تنظيمه أنه لا ينظم ويطور.
وينمي العلاقات الاجتماعية بين الأحياء فحسب، وإنما ينظمها ويوجه بوصلتها حتى بين الأحياء والأموات، ويضع في ذلك الخطوط الرئيسة في أسس التعامل الإيجابي فيما بينهم، فلا يعني أن من يموت تنتهي العلاقة بينه وبين الأحياء، بل وجهت الشريعة إلى استمرارها وفق نظام معين، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم “لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا” فضلا عن توجيه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بزيارتهم والسلام عليهم عند المرور بهم، وقد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني سلمة، وأنا عنده، فقال يا رسول الله، إن أبويّ قد هلكا، فهل بقي لي بعد موتهما من برهما شيء؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهودهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما” وكما إن من الإيجابيه هو عدم الحكم على الشخص بالنوايا غير المعلنة، وإنما يكون الحكم على ظاهر أقواله وأفعاله، وذلك معنى مهم من معاني العدالة المطلوبة، التي يفترض أن تسود في كل أنواع العلاقات البشرية، ولكن بوصلة واقع الحال تشير إلى الاتجاه الخطأ فالكثير مِن القرارات المهمة والخطيرة تؤخذ على أساس تحليل لنوايا الآخرين، أو بناء على استشرافات لأمور مستقبلية، فتتخذ قرارات خاطئة في هذا الصدد، وقصة الصحابي الذي قتل رجلا بعدما أعلن إسلامه معروفة، وكيف تعامل معه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
فعن أسامة بن زيد قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أقال لا إله إلا الله، وقتلته؟ قال قلت يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال “أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟” فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ”.

عرض الرؤى
معدل وصول المنشور: ٣
أعجبني
تعليق
إرسال