عقوبة مضيع الأمانة في الآخرة

بقلم / محمـــد الدكـــرور
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنكم ملاقوه ولن تعجزوه، فمن الأرض خلقكم وفيها يعيدكم ومنها يخرجكم تارة أخرى، فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ” وقال تعالى ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا”.

وقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال “من تقوّل عليّ ما لم أقل، فليتبوّأ مقعده من النار، ومن أفتي بفتيا بغير علم، كان إثم ذلك على من أفتاه، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد، فقد خانه” وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال “القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة” ثم قال ” يؤتى بالعبد يوم القيامة وإن قتل في سبيل الله فيقال أد أمانتك، فيقول أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ قال فيقال انطلقوا به إلى الهاوية، فينطلق به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه،

حتى إذا نظر ظن أنه خارج، زلت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين”، ثم قال “الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عدها، وأشد ذلك الودائع” وإن من معاني الأمانة هو وضع كل شيء في مكانه اللائق به، فقال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه يا رسول الله ألا تستعملني، يعني ألا تجعلني واليا أو أميرا أو ريئسا لك على إحدى المدن، قال فضرب بيده على منكبي ثم قال ” يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ” رواه مسلم، وهكذا فإن أمر الأمانة عظيم وخطرها كبير، فلقد إستهان كثير من الناس اليوم بأمر الأمانة حتى أضحوا لا يلقون لها بالا، ولا يقيمون لها وزنا، وذلك ناتج عن سوء فهم لمعنى الأمانة وما يترتب على تضييعها والتفريط فيها.

من العذاب والعقاب ومن أسباب التفريط في الأمانة هو عدم تذكر ما سيحدث لمن فرط في الأمانة من العذاب والنكال في قبره من سؤال الملائكة له عما فرط فيه من الأمانة، ألا وإن من أسباب التفريط في الأمانة هو ضعف الوازع الديني لدي كثير من الناس، فلو كان هناك وازع من الدين يردع صاحبه ويزجره كلما هم بالتفريط فيما أوكل إليه من أمانة لعاشت الأمة في خير عظيم وأمن وارف، ومن أسباب التفريط في الأمانة دافع الإنتقام سواء من رئيس أو صاحب عمل، ولا شك أن هذا الأمر لن يضر أولا وآخرا إلا من فرط في الأمانة لعظم قدرها وكبير خطرها، فمهما حصل من سوء تفاهم بين الرئيس والمرءوس والعامل وصاحب العمل والزوجة وزوجها فليس معنى ذلك أن يفرط هذا أو ذاك فيما أنيط به من أمانة ومسؤولية، فليحذر المسلم من عاقبة ذلك فالعاقبة وخيمة والخاتمة سيئة والعياذ بالله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *