الخيانة العظمي لخنفس باشا

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، لقد كانت هناك وقفات في الآية الكريمة التي نادي بها الله عز وجل علي العباد عندما قال تعالي ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ” فالوقفة الأولى وهو أنه جاء ختم الآية الكريمة في غاية التناسب مع مضمونها وذلك أن الآية لما أمرت بأداء الأمانة، وبالحكم على سبيل العدل، ختمت بقوله سبحانه “إن الله كان سميعا بصيرا” أي إذا حكمت بين الناس فهو سميع لكل حكم تحكم به عدلا أو جورا.

وإن أديت الأمانة فهو بصير بكل فعل تقوم به، إحسانا أم خيانة، وهذا الختام للآية يتضمن وعد المطيع بالثواب، ووعيد العاصي بالعقاب، والوقفة الثانية وهو أنه جاء في الآية نفسها قوله سبحانه ” إن الله نعما يعظكم به” وقال ابن عاشور ما حاصله بأن هذه الجملة واقعة موقع التحريض على إمتثال الأمر الذي جاءت به الآية، فكانت بمنزلة التعليل أي أنه سبحانه يعظ عباده ويحثهم على الإنقياد لأمره، والعمل على وفق شريعته، وأنه لا يأمرهم إلا بما هو خير ومصلحة لهم في دينهم ودنياهم، وما عن وأالوقفة الثالثة وهو ذكر ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن الأمانات مردودة إلى أربابها، الأبرار منهم والفجار ويؤيده ما نقله ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله هي للبر والفاجر.

والوقفة الرابعة وهو أن ثمة علاقة وثيقة بين العدل وأداء الأمانة إذ هما أمران متلازمان، فأداء الأمانة إلى أهلها عين العدل، وجحدها على صاحبها هو عين الجور، وأيضا فإن الحكم بين الناس بالعدل هو أداء للأمانة التي حُمّلها الحاكم، وبالمقابل فإن ظلم العباد هو جحد للأمانة وتفريط فيها، ولقد كان للخيانة رموز وعلامات فهذا هو الضابط المصري علي يوسف الشهير بخنفس باشا وهو من بين الضباط الذين خانوا أحمد عرابي في معركة التل الكبير مما أدى إلى هزيمة جيش عرابي، وإحتلال القوات الإنجليزية لمصر، وكان من خيانة خنفس أن طمأن جيش عرابي بأن الإنجليز لن يهجموا في ذلك اليوم، فاطمأن الجيش، غير أن القائد الإنجليزي ولسلي شن هجوما مباغتا.

ترتب عليه هزيمة جيش عرابي في معركة التل الكبير، وسيطرة الإنجليز على زمام الأمور، وجاء في كتاب فصل في تاريخ الثورة العرابية للمؤرخ محمود خفيف أنه في الخامس عشر من شهر سبتمبر بلغ الإنجليز منطقه العباسية، ومنها ساروا إلى القلعة، وكان بها أربعة آلاف جندي، فسلمهم خنفس مفاتيحها” فاللهم يا قوي يا عزيز، يا جبار السموات والأرض، اللهم قاتل الكفرة الفجرة من اليهود والنصارى والشيوعيين والعلمانيين الذي يحاربون أولياءك ويدينون بغير دينك، اللهم أدر الدائرة عليهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، اللهم اجعل كيدهم بينهم، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أهلكهم بالقحط والسنين يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *