أسباب النصر وعوامل الهزيمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الرحيم الودود، سبحانه من خالق عظيم وبخلقه رؤوف حليم، أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله فإن ساعة عظيمة تنتظركم، يجزى فيها الإنسان عن الصغيرة والكبيرة، موقفها عظيم وأمرها جلل فتزودا لذلك وإن خير الزاد التقوى، ثم أما بعد إن الأمم كالأفراد تصح وتمرض وتقوى وتضعف وتنتصر وتهزم، وفق قوانين وسنن إلهية، لا تحابي أحدا، ولا تتخلف ولا تتبدل على مر العصور، وقد أمرنا الله تعالى أن نتدبر أمورنا في حال النصر والهزيمة فإذا انتصرنا شكرنا وعرفنا غاية النصر وتبعاته وأماناته، وإن هُزمنا حاسبنا أنفسنا، وبحثنا عن أخطائنا، واستغفرنا لذنوبنا، وصححنا مسارنا كي لا نضعف أو نهون.

وإن البحث عن أسباب النصر وعوامل الهزيمة والعمل بمقتضاها من الأمور الشرعية والواجبة في ديننا، والإسلام يريد من أتباعه أن يكونوا أقوياء في جميع المجالات وفي جميع جوانب الحياة المختلفة والمتعددة، وهو قوة في الإيمان والثقة والتوكل على الله وقوة في العتاد والسلاح والمال وقوة في التخطيط والتدبير وقوة في الوحدة والألفة والأخوة وقوة في الأخلاق والسلوك وتلك هي قواعد النصر وأسبابه، فلن يأتي النصر إلا بعد إستنفاد أسباب الأرض من الإستعداد والتجهيز، والإرادة والإصرار فإذا بذل الناس ما في وسعهم من الأسباب المادية وتوكلوا على الله فإن النصر يأتي حينئذ من طرق متعدده وبأشكال مختلفه ومن أبواب لم تكن بالحسبان ومن مواقف وأحداث لم تكن على البال فالذي يسير الكون هو الله تعالي والذي بيده الخلق والتدبير هو الله سبحانه.

ولذلك فإن الناس عند حلول المصائب والفتن وتسلط العدو وتجبر الظلمه من هول هذا الظلم وشدة الإبتلاء تطيش عقولهم فلم يعودوا يفكروا بالخلاص والنصر إلا عن طريق القوة المادية التي تكون أقوى وأعتى من هذا الظلم ومن أتباعه وحين لا يجدون هذه القوة سواء كانت قوة المال أو العدد والعدة أو القبيلة أو الوجاهات وأكابر القوم فقد يصلوا إلى لحظة يأس وإحباط وإنقطاع للأمل وبالتالي ترك الإنتصار للدين والقيم العظيمة ، ولكن المسلم الحق هو من يبذل الأسباب ويحسن التوكل على الله ويحسن الظن به ويعلم علم اليقين بأن الله سيجعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيق وخرجا بأي وسيلة أو طريقة متى ما أذن الله تعالي بذلك وما عليه إلا أن يبذل قصارى جهده ولن يضيع الله عمله ولن يخيب رجاءه، في ظلام الليل الذي يعقبه نور الصباح.

وفي نزول القطر بعد إقفار الأرض، وفي إتباع الصحة شوائب المرض، وفي تقلب أحوال الناس من خير إلى شر، ومن حسن إلى أحسن، وفي تكالب الشدائد على المرء، في كل ذلك، وفي أحوال كثيرات، وبما في تضاعيف التأريخ المشرق لهذه الأمة من بواعث النصر، ومحييات التمكين، نزداد يقينا وإقتناعا بما في أفق الدنيا من لوائح المبشرات، وحينها نعم في ذلك الحين ينبثق نور بوابة النصر، فيلج منها من ذاق مرارة السطوة الظالمة، ويدخل منها من تفطرت كبده قهرا على تكالب سُرّاق المشاعر، فإلى أولئك أقول عليكم بما في ثنايا الرسالة فإنها أعمدة تلك البوابة، وعليكم بإغتنام سويعات النصر فإن الفجر لاح، وحذاري من حجب الإنتصار عفوا، وحذاري من مغلقات البوابة فهي كثيرة محبوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *