القول والعمل والعقيدة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، إن من بواعث السخرية والإستهزاء هو الكبر والنظر للنفس بالعجب والإكبار وللغير بالمهانة والإحتقار وقد ضرب الله على ذلك أمثلة في كتابه العزيز منها ما في سورة الكهف في قصة الرجلين حيث قال أحدهما للآخر ” أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا” وفي هذا الخلق المذموم يقول العلامة السفاريني المستهزئ بغيره يرى فضل نفسه بعين الرضا عنها ويرى نقص غيره بعين الاحتقار، إذ لو لم يحتقر غيره لما سخر منه، ثم يقول كل من إفتخر على إخوانه واحتقر أحدا من أقرانه وإخوانه أو سخر.
أو إستهزأ بأحد من المؤمنين فقد باء بالإثم والوزر المبين، وخلق الكبر الممزوج بالاستهزاء بالغير من أخلاق فرعون فقال الله تعالى عنه إنه قال عن نبي الله موسى عليه السلام “أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين” ويقول العلامة ابن كثير وهذا الذي قاله فرعون لعنه الله كذب واختلاق، وإنما حمله هذا على الكفر والعناد وهو ينظر إلى موسى عليه السلام بعين كافرة شقية وقد كان نبي الله موسى عليه السلام من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوي الألباب وقوله ” مهين” كذب، بل هو المهين الحقير خلقة وخلقا ودينا وموسى هو الشريف الرئيس الصادق البار الراشد، وعند الجماهير الساذجة الغافلة لا بد أن يكون فرعون الذي له ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحته.
خيرا من نبي الله موسى عليه السلام ومعه كلمة الحق ومقام النبوة ودعوة النجاة من العذاب الأليم، ولكن هناك سؤال يقول ما هو حكم الطرق الصوفية المنتشرة في بعض البلدان الإسلامية، وما هي حقيقة التصوف، وهل هناك تصوف معتدل؟ والجواب هو أن الطرق الصوفية متعددة المشارب والمناهج، فما وافق منها كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مقبول، وما خالف فهو مرفوض، وأن أصل التصوّف هو تربية الإنسان ليطبق الأحكام الشرعية بالشكل الصحيح، ولينزع من نفسه الأخلاق الذميمة ويغرس الأخلاق الحميدة، ولهذا عرّف بعضهم التصوف بأنه العمل بالعلم، وعرفوه بأنه التخلي عن الأخلاق الذميمة والتحلي بالأخلاق الحميدة.
وكبار أهل التصوف يؤكدون على أنه لا يقبل من صوفي حال ولا مقال ما لم يوافق الكتاب والسنة، وقد شذ قوم منهم عن هذه القواعد وإبتدعوا ما لم يأذن به الله، وهذا عيب على المبتدعين لا على الصادقين من أهل التصوف، فإنه ما من جماعة إسلامية إلا وشذ فيها جماعة، ولا يجوز تحميل ذنب الطالح للصالح، وفي هذا الزمن ظلم الصوفية من طائفتين، الأولى هو قوم تسمّوا باسمهم وأساءوا إليهم بتصرفات غير شرعية، والثانية هم قوم نظروا إلى شواذ الصوفية فهاجموا الصالح والطالح، ولا شك أن في الصوفية هذه الأيام جماعة مستقيمة ملتزمة بالمنهج الصحيح، فمن بحث عنهم فوجدهم فقد ظفر بخير عظيم، ومن لم يجدهم ففي تعاليم الشريعة الإسلامية الواضحة ما يغنيه.