أحلام لا تنهزم

بقلم / فاطمة مختار
في قرية صغيرة ، ولدت فتاة اسمها ” أحلام” وكان اسمها ينبض بمعناه منذ لحظة قدومها إلى الدنيا. قلبها كان مليئًا بالحنان، وعيونها الجميلة تشع دفئًا وحبًا لكل من حولها
لم تكن مجرد فتاة تلعب وتمرح، بل كانت رمزًا لنقاء القلب والاحترام صغارًا وكبارًا يحنون إليها ويثقون فيها.
رغم بساطتها، كان في قلب أحلام شعلة طموح لا تعرف الحدود. لم تكن تريد أن تبقى محصورة في حدود قريتها، بل حلمت بجامعة في القاهرة ، مدينة الفرص والحياة الصاخبة، حيث يمكن لأي فتاة أن تبني مستقبلها بنفسها.
عندما وصلت القاهرة، صُدمت بحجم المدينة وضجيجها وألوان الحياة المختلفة. كانت الأصوات العالية، والناس المسرعين، والأبراج الشاهقة، كل ذلك يثير الدهشة في قلب فتاة خرجت من هدوء الريف. لكن رغم كل هذا، بقيت أحلام كما هي: مبتسمة، بسيطة، وطيبة القلب، تشع دفئًا وسط عالم سريع وقاسي أحيانًا. زملاؤها اندهشوا من تواضعها وروحها النقية وسط ضوضاء المدينة، ومن جمالها البسيط الذي لم يخفِ تواضعها .
واجهت أحلام صعوبات كثيرة : دروس مرهقة ومنافسات شديدة و ضغط الحياة الجامعية، وأصدقاء يحملون أطماعًا مختلفة. لكنها لم تتوقف. كل فشل كان درسًا، وكل عقبة كانت خطوة نحو قوتها الداخلية، وكل دمعة كانت شعلة تزيدها صبرًا وإصرارًا.
ومع مرور السنوات، أصبح النجاح رفيقها. جاءتها عروض زواج كثيرة من رجال أصحاب مناصب وثراء، رجال يمكن أن يفتحوا لها أبواب الحياة براحة دون ان تشقى ، لكن أحلام رفضت جميعهم. لم يكن المال أو المكانة هدفها، بل طموحها الكبير وحياتها المستقلة التي تبنيها بيدها. كانت تؤمن أن النجاح الحقيقي يُقاس بما تحققينه بروحك وعزيمتك، لا بما يقدمه لك الآخرون.
ومع ذلك، جاءت الرياح بما لم تكن تتوقعه، وارتبطت برجل قاسٍ القلب ، سليط اللسان ، دائم الإهمال والتقليل من قيمتها ، يعيش حياته وكأنها ليست موجودة ، ويملأ حياتها بالظلام والخوف. كانت الأيام معه مليئة بالتحديات والألم، لكنه لم يستطع كسر قلبها أو إرادتها رغم جميع افعاله الوحشية بها .
أحلام كانت تتوكل على الله في كل خطوة، مؤمنة أن النور موجود حتى في أحلك اللحظات، وأن كل محنة لها نهاية، وكل ألم يحمل درسًا وحكمة. لم تسمح لمعاناتها أن توقفها عن تحقيق أحلامها، بل زادتها إصرارًا على النجاح، وصبرًا على المحن، وإيمانًا أن الله دائمًا معها.
كانت تمشي في دروب الحياة، تدرس، تعمل، تساعد الآخريين وتزرع الخير في كل مكان، رغم الألم الذي يحيط بها. ومع مرور الوقت، أصبح صمودها مثالًا حيًا لكل من يعرف معنى القوة الداخلية والإيمان: النجاح لا يُقاس بما يحيط بك، بل بقدرتك على المضي قدمًا رغم كل الصعاب، والحفاظ على قلبك صافٍ ونقي.
وفي نهاية المطاف، حين نظرت أحلام إلى نفسها في المرآة، رأت امرأة صلبة ، ناجحة، وراقية الروح، رسالة لكل من يعرف معنى الصبر والشجاعة:
“يمكنك أن تحمي قلبك، تحقق أحلامك، وتعيشه كما تريد، مهما حاول الآخرون إيقافك أو تقليل قيمتك، وثق أن الله دائمًا واقف بجانبك.”