نسيان الموت سبب للهو و الغفلة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله العليم الحكيم خلق عباده فقسم أرزاقهم، وضرب آجالهم، نحمده على ما أعطانا، ونشكره على ما أولانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إصطفاه الله تعالى من بين العالمين خاتما لرسالاته، وإماما لأنبيائه ورسله، وشفيعا يوم القيامة لعباده، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن موت الفجأة من علامات وأمارات الساعة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة” رواه الطبراني وغيره، فنسمع كل يوم عن أفراد بل عن جماعات قضوا، وإنتهت أعمارهم على حين غرة، ولم يكونوا على الأهبة فموت الفجأة يفوّت على المرء أمورا كثيرة.

فقد يكون المرء في حاجة إلى أن يوصي فلا يقدر، وربما كان في عمل دنيا بعيد عن ذكر الموت والآخرة فينسى لا إله إلا الله، فلا يموت عليها، ومع وجود موت الفجأة إلا أن كثيرا منا مازال في غفلة، لم نتعظ بمن سلف، كأن الأمر لا يعنينا، نرى الموت يتخطف من هم حوالينا فلا نتعظ، عجبا لنا كيف نتجرأ على الله تعالي فنرتكب المعاصي، وأرواحنا بيده، وكيف ننسى رقابته، والموت بأمره يأتي فجأة، هل يعلم أحدنا متى سيموت؟ كلا والله إنها لحكمة بالغة ليبقى المؤمن طوال حياته مترقبا وداع هذه الدنيا، مستعدا للقاء ربه، ولقد فطر الله تعالى الأحياء كلها على الخوف من الموت، وإتقاء أسبابه، وإجتناب مظانه، كما فطرهم على التشبث بالحياة، وبذل الغالي والنفيس فيها، ومع أن الأحياء تفرّ من الموت.

وتتقي أسبابه، فإن كل مخلوق لا بد أن يموت فقال تعالي ” كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام ” وإذا كان همّ الكافر في الدنيا أن يستمتع بملذاتها، ويعب من شهواتها فإن همة المؤمن في الدنيا عمارة الآخرة، والتزود من الباقيات الصالحات مستحضرا الموت والقبر والحساب والجنة والنار، فمن فعل ذلك كانت دنياه مطية لآخرته ومزرعة لها، وإن نسيان الموت سبب للهو والغفلة والإنغماس في الدنيا كما أن تذكر الموت سبب للزهد في الدنيا والإقبال على العمل الصالح ولذا حثنا النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم على تذاكر الموت وعدم نسيانه لئلا نغفل فقال صلى الله عليه وسلم ” أكثروا ذكر هادم اللذات ” وأكثر ما يخافه المؤمن في الموت أن يباغته وهو لم يتهيأ له.

وإلا فإن المقدم على الموت لمرض أو نحوه تتغير حياته في آخر أيامه، فترخص عنده الدنيا وتعظم الآخرة، فيكون ما ألمّ به من علامات الموت ومقدماته خيرا له ذلك أن من عادة الإنسان التسويف في التوبة والعمل الصالح، وطول الأمل والرغبة في الدنيا، وكل ذلك من الغرور والشيطان، أسأل الله تعالى أن يحسن خواتمنا، وأن يرزقنا الإعتبار بغيرنا، والإستعداد لما أمامنا، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *