حين يصبح الفقد بداية

بقلم/نشأت البسيوني
يمر الانسان بلحظات في حياته يكتشف فيها ان الفقد ليس نهاية وان الخسارة ليست دائما مؤلمة بشكل ظاهر وان الغياب قد يكون بداية لفهم اشياء لم ندركها من قبل الانسان حين يفقد شيئا او شخصا عزيزا يشعر بفراغ عميق داخل قلبه روحا وعقلا لكنه مع الوقت يكتشف ان هذا الفراغ يمكن ان يتحول الى مساحة للنمو الداخلي في البداية تكون الصدمة قوية والعاطفة متأججة يحاول
الانسان مقاومة الواقع يحاول استرجاع ما فقد يحاول ان يشرح لنفسه لماذا حدث هذا ويبحث عن العزاء في الذكريات لكنه سرعان ما يدرك ان بعض الاشياء لا يمكن ارجاعها وان بعض اللحظات لن تعود وان القبول بالواقع هو الخطوة الاولى نحو التعافي مع مرور الوقت يبدأ الانسان في إعادة اكتشاف نفسه يرى في الفقد فرصة لفهم قيمته الحقيقية ويدرك ما يهمه وما يستحق التمسك به وما
يمكن التخلي عنه يجد القوة في داخله دون انتظار من يسانده ويبدأ في بناء عالمه الداخلي من جديد اكثر وعيا ونضجا الفقد يعلم الانسان الصبر والصمود يعلم الانسان ان الحياة ليست دائما عادلة وان بعض الاشياء تتطلب المضي قدما بدون كل شيء حوله ان يغرق في الحزن انه يعلم الانسان ان الايمان بالذات والاعتماد على النفس هو السبيل لمواجهة الخسارة واستعادة التوازن وفي هذا
المسار يدرك الانسان ان الفقد ليس مجرد فقدان بل درس يتعلم منه كيف يكون اكثر قوة كيف يقدر اللحظات الصغيرة كيف يعتني بنفسه قبل ان يعتني بالآخرين وكيف يميز بين ما يضيف له قيمة وما يثقل قلبه بلا جدوى ومع مرور الأيام يتحول الفقد من جرح صامت الى قوة داخلية يقف الانسان بعدها اكثر تماسكا اكثر قدرة على التقدير اكثر وعيا بما يريد من الحياة اكثر استعدادا لتقبل ما
يأتي دون خوف او انكسار يدرك ان الحياة مستمرة وان القوة ليست في الامتناع عن الفقد بل في القدرة على المضي قدما رغم كل شيء ويكتشف الانسان ايضا ان الفقد يعلم الصبر والهدوء يعلم التقدير يعلم ان كل تجربة مهما كانت مؤلمة تحمل فرصة للنمو والفهم يعلم الانسان ان في كل فراغ داخلي هناك مساحة لبناء الذات من جديد وان القوة الحقيقية تأتي حين يصبح الانسان قادر
على المضي رغم كل فقد وخسارة ويصبح الانسان مع الوقت اكثر حكمة اكثر استعدادا للحياة اكثر قدرة على التقدير اكثر وهدوءا اكثر قدرة على اختيار من يستحق قربه ومن يستحق ثقته ويدرك ان اهم ما يمكن ان يحمله الانسان في رحلته ليس الاملاك او الاشخاص بل القدرة على الاستمرار والنمو مهما فقد ويتعلم الانسان ان كل فقد يحمل في داخله بذرة للتغيير وان كل جرح صامت هو
فرصة لتصحيح المسار واكتشاف ذاته اكثر واكثر وان القوة ليست في البقاء كما كنا بل في القدرة على النهوض وبناء حياة جديدة مليئة بالمعنى والوعي والسلام الداخلي يصبح الفقد بداية جديدة وليس نهاية انه يمنح الانسان الفرصة للوقوف على قدميه مرة اخرى ويعلمه ان الحياة ليست مجرد ما نملك بل ما نستخلصه من كل تجربة وكل فقد وكل درس يخوضه الانسان في رحلته
ويكتشف ان اعظم قوة هي القدرة على الاستمرار مهما واجه من فقد وان كل بداية جديدة تنبت من قلب الجرح السابق وان كل فقد يحمل في داخله بذرة حياة جديدة وفرصة للنمو والنضج والاقتراب اكثر من الذات الحقيقية





