الناس والواقع ..

احمد عدوي 
من أكتر الحاجات اللي ممكن تدمر ثقة أي إنسان في نفسه … إنه يعتبر الناس هما المرجع في تقييمه أو تقييم أفعاله … وده النمط اللي اسمه External Referencing في العلوم النفسية ….
فمثلا:
• لو الناس شايفاني محترم يبقى أنا محترم.
• لو الناس شايفاني مش محترم يبقى أنا مش محترم.
• لو الناس شايفاني ذكي، يبقى أنا ذكي.
• لو الناس شايفاني غبي، يبقى أنا غبي.
• لو الناس شايفاني شيك وشكلي حلو، يبقى أنا شيك وشكلي حلو.
• لو الناس شايفاني مهمل وشكلي وحش، يبقى أنا مهمل وشكلي وحش.
• وهكذا …
وبيساهم في المشكلة دي كذا تشوه معرفي أو Cognitive Distortion، ولكن فيه تشوهين أساسيين بيكونوا موجودين في أغلب الحالات، وهما:
1- تشوه التعميم الزائد Over-Generalization
بمعنى إنك بتعتبر “بعض الناس” = “كل الناس” …
فلو مثلا واحد انتقد طريقة كلامك، يبقى “كل الناس” مش عاجبها كلامي … ولو حد انتقد طريقة لبسك، يبقى “كل الناس” مش عاجبها لبسي … ولو حد انتقد طريقة تفكيرك، يبقى “كل الناس” مش عاجبها طريقة تفكيري … وهكذا …
وعلاج التشوه ده واضح … وهو إنك تبطل تعمل عملية التعميم دي وتدرب نفسك على كده … إن لو حد مش عاجبه حاجة فيك، فده رأيه هو فقط، مش رأي “كل الناس” ولا حاجة …
2- تشوه التعريف Identification
وده التشوه الأخطر والأعمق، إنك “بتعرّف” نفسك وقيمتك من خلال كلام الناس … لأنك غالبا لو بتهتم بشكل زائد برأي الناس فيك، فده لأنك غالبا بتستمد “شعورك بالقيمة” من هذا الرأي …
فلو رأي الناس فيك إيجابي … انت بتعتبر إنك كده ليك قيمة … ولو رأي الناس فيك سلبي … انت بتعتبر إنك كده مالكش قيمة … وده طبعا شعور خطير جدا …
والعلاج هنا، إنك تدرب نفسك على الفصل بين ذاتك (كبني آدم)، وبين قيمة أفعالك أو شكلك أو لبسك أو تفكيرك أو أو إلخ …
وذاتك هنا (كبني آدم)، قيمتها ثابتة … كلنا بني آدمين زي بعض، كلنا قيمتنا واحدة زي بعض … زي النبي صلى الله عليه وسلم ما قال “الناس لآدم، وآدم خلق من تراب” … فمفيش حد في ذاته أحسن من حد أو أقل من حد …
وإنما التقييم بيبقى تقييم لأشياء عابرة بتعلق بالذات، زي الأفعال والأفكار والكلام والملابس والفلوس إلخ …
فالفكرة هنا إن قيمتك الأساسية كإنسان، مش محل تقييم من إنسان آخر زيك … وبالتالي مش محتاج إنك تخاف قوي على القيمة دي لأنها ثابتة … وإنما أي تقييم انت بتتلقاه، بيبقى تقييم لشيء غير ثابت، يمكن تغييره ولا يقلل من قيمتك الأساسية …
———————————
التشوهين دول بالرغم من بساطة تركيبهم، إلا إنهم بيكونوا موجودين على مستوى عميق في النظام النفسي وبيتسببوا في مشاكل كتير، وأوقات كتير بيحتاجوا وقت عشان نقدر نكتشفهم ونواجههم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *