غرس القيم النبيلة في الأبناء

بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم الذي أكمل الله تعالي له المحاسن، وأتم عليه نعمة الفضل، واختصه بالعناية حتى صار الأسوة الحسنة في كل فضيلة، فمنه تتعلم فنون المكارم، ومن برديه تنبع صفوة المناقب لأن من لوازم القدوة أن يكون مثاليا جامعا لما تفرق في الأخيار من سجايا حميدة، فكان صلى الله عليه وسلم ذاك الإنسان المجتبى من ربه المصطفى من خالقه، ليقود الناس الى أحسن الأخلاق وأنبل الأعمال وأكرم المذاهب، وكما هو صلى الله عليه وسلم الطاهر المبارك الذي غسل قلبه بماء الحياة فصار أبيض نقيا مطهرا، وقد أذهب الله تعالي من صدره كل غيظ وحسد وحقد وغل وغش، فصار أرحم الناس قاطبة، وأبرّهم كافة، وأكرمهم جميعا.
فعمّ حلمه وكرمه وطيبه وجوده الحاضر والبادي والقريب والبعيد، فنفسه أذكى نفس، وباله أشرح بال، وضميره أطهر ضمير، وحُقّ له أن يكون كذلك لأنه المرشح لقيادة العالم وإصلاح الكون وتقويم البشرية صلى الله عليه وسلم، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد، فهل علمنا أولادنا أن حب الوطن يعني إجبار النفس على الالتزام بأنظمته، حتى وإن سنحت فرص للإفلات منها، والالتزام بالمحافظة على بيئته ومنشآته العامة، حتى وإن رافق ذلك مشقة؟ هل دربناهم على لأن يكونوا دائما على وفاق فيما بينهم، حتى وإن لم يعجبهم ذلك، من أجل حماية الوطن من أن يصيبه أذى الشقاق والفرقة؟ إنها تساؤلات إجابتها الصادقة هي معيار أمين، وتجد بعضنا يجهر بحب بلده ثم يسرق مقدراته أو يفسد فيه.
فيجب أن نعلم أبناءنا كل السلوكيات التي تنبثق عن حب الوطن وأنها ليست مسيرة أو شعار بل فعل وممارسة وعندما قال القائل ارفع راسك فأنت مصري، يجب أن نترجمه الى عمل وفعل، فالطالب الذي يخرب في مدرسته فيتلف ممتلكاتها والعامل الذي يضرب عن عمله ويعطل إنتاجه، والمتنزه الذي يلقي نفاياته في طريق الناس، وأماكن جلوسهم راكب السيارة الذي يلقي علبة العصير من النافذة أو ربة البيت التي تلقي النفايات في الشارع، والموظف الذي لا يلتزم بوظيفته ولا يخدم الناس، والمعلم الذي لا يخلص لوظيفته ولا يشعر بالمسؤولية عن طلابه، ورب الأسرة الذي لا يقوم بواجب أبنائه ورعايتهم وتأديبهم وتأمين عيشهم الكريم، والأستاذ الجامعي الذي لا يرتقي بطلاله ولا يحفز الإبداع والتفوق فهيم.
والشيخ الذي لا يغرس القيم النبيلة بين الناس بفعله ويقول أيها الأخوة أنظروا إلىالخليل إبراهيم عليه السلام وهو يقول” رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات” فكان هذا انتماء للوطن وحب للوطن ” وأن الانتماء العائلي ليس فقط أن أحمل لقب، ولكن هو على الأقل أن أكون على صلة بأفراد عائلتي، وأن اسأل عنهم أن احترمهم، فكم من بشر يتباهون إنهم من تلك العائلة وهم لا يعلمون حتى أشكال أفرادها، فهل هذا يعتبر انتماء، فإنه من أولى مبادئ الانتماء هو أن نعلم أولادنا معنى الأهل والأسرة والعائلة، وأن يرى الأطفال أهلهم يسألون عن أقاربهم ويصلون أرحامهم، وأن يرى الأطفال أهله يحترمون أهلهم، فالانتماء هو أن نعلم أطفالنا معنى العائلة وإن نعرفهم من هي عائلتهم حتى وأن كانوا يعيشون في بلد أخر، أليس هذا هو الانتماء أم إن هناك مفهوم أخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *