ميا موتلي رئيسة وزراء بربادوس التي أعادت تعريف مفهوم الشجاعة في السياسة الدولية

بقلم / رامي السيد
في عالم يزداد تعقيدا وتتحكم فيه المصالح الكبرى برزت ميا موتلي رئيسة وزراء بربادوس كنموذج استثنائي لامرأة كسرت القوالب السياسية التقليدية وفرضت حضورها على الساحة الدولية بصوت قوي وجرأة غير مسبوقة لم تكن ميا مجرد زعيمة لبلد صغير في الكاريبي بل أصبحت صوتا عالميا ينادي بالعدالة المناخية والاقتصادية ويطالب بانصاف الدول النامية في مواجهة الأزمات العالمية

منذ توليها رئاسة الوزراء واجهت موتلي تحديات ضخمة بدءا من إعادة هيكلة الاقتصاد المحلي مرورا بمواجهة تداعيات جائحة كورونا وصولا إلى قيادة معركة المناخ في المحافل الدولية لكنها اختارت أن تكون صوت الحق في زمن الصمت حين وقفت أمام زعماء العالم لتقول بوضوح نحن من يدفع ثمن سياساتكم رغم أننا الأقل مسؤولية عنها هذه الكلمات جعلت منها رمزا للجرأة السياسية وقائدة تحمل هموم الشعوب لا المصالح الخاصة
تميزت ميا موتلي برؤية إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا
إذ حولت قضية المناخ إلى قضية أخلاقية قبل أن تكون سياسية وأثبتت أن حجم الدولة لا يحدد حجم التأثير بل تحدده قوة الموقف وصلابة الإرادة كما كانت أول من طالب بإصلاح النظام المالي الدولي ليصبح أكثر عدلا مدافعة عن حق الدول الصغيرة في التنمية المستدامة والكرامة الوطنية
ولم تكتف ميا بالخطابات بل ترجمت وعودها إلى إصلاحات داخلية جريئة جعلت من بربادوس نموذجا يحتذى في تمكين المرأة وتحديث مؤسسات الدولة مع حفاظها على هوية وطنها واستقلال قراره السياسي حتى أعلنت بفخر التحول إلى جمهورية مستقلة تماما عام 2021 منهية قرونا من التبعية للتاج البريطاني
إن قصة ميا موتلي ليست فقط حكاية نجاح سياسي بل درس في الشجاعة والإصرار ورسالة إلى كل امرأة حول العالم بأن القيادة لا تتطلب القوة الجسدية بل قوة الإيمان بالمبدأ والقدرة على مواجهة التيار
لقد أعادت ميا موتلي تعريف مفهوم الشجاعة في السياسة الدولية لا بالتصعيد أو الشعارات بل بالصدق والقدرة على قول الحقيقة في وجه الكبار إنها بحق امرأة في زمن نادر حيث تحتاج الإنسانية إلى قادة يمتلكون ضميرا قبل أن يمتلكوا سلطة
الكاتب
الإعلامي والسياسي
نائب رئيس شبكة النايل الإخبارية