ليس المال بشيء

فاطمة عبد العزيز محمد
ليس المال بشيء..
من جعل المال كلَّ شيءٍ، عمل في سبيله أيَّ شيءٍ، ومن عمل في سبيل المال أيَّ شيءٍ، جاءته التعاسة بحذافيرها، ولو كان عنده كلُّ شيء، من وجد الله ما فقد شيئًا، ومن أضاع الله فما وجد شيئًا.
ويعتقد البعض أن المال حلاَّل المشاكل، لكن المال في كثيرٍ من الأحيان سبب للمشاكل، وجلاَّب للمحن والقلاقل، فما أكثر أصحاب الملايين الذين لا ينامون إلا بمهدِّئاتٍ، وحبوبٍ منوِّمة، يمشي أحدهم برفقة طبيبه الخاصِّ، وجعبته مليئة بأنواع الإبر وأجهزة قياس السُّكرِ والضَّغط، بينما ذلك العالم الفقير الذي يتقاضى راتبًا زهيدًا، ولا يستلمه في وقته، بل يتأخَّر شهرين وثلاثة، تراه ينام على أقربِ كرسيٍّ في الطريق قرير العين هانىء، معافى الجسد، فالدنيا مليئةٌ بالكثير من الأغنياء الأثرياء التُّعساء.
إنَّ المال يستطيع جلب أيِّ دواءٍ في العالم، ولكنه لا يستطيع أن يقدِّم لصاحبه العافية، فقد يكون لديك المال لكن ليس لديك نعمة الصحة، فما فائدة المال دون صحة، وبالمال تستطيع أن تشتري أفضل الغرف والفرشِ الوثيرة، ولكن لا يمكِنه أن يقدِّم لك النَّوم الهانئ، بالمال أيضاً تستطيع أن تحصل على ولاء الألسن، وتصفيق الأكفِّ، ولكن يستحيل أن تشتري محبَّة القلوب، وقناعاتِ العقول.
فلا تغبِطْ غنيًّا لغناه، ولا وزيرًا لوزارته، ولا ملكًا على ملْكه ولكن اغبط من عاش لله، وجعل حياته لله، وأنس بالله، وما المقصود بهذا، ذم المال، وانما قد يكون المال أحد أسباب السعادة ولكنه ليس السبب الوحيد، فالسعادة يمكن أن تأتي بغير المال وذلك من خلال ما منحه لك المولى من نعم متعددة، كالزوجة الصالحة والولد البار والرزق المبارك ومحبة الناس لك وزوال الحقد والحسد من قلبك وقناعتك بما وهبه الله لك فمن أراد أن يمتلك كل شيء فقد كل شيء.
وبالنهاية علينا التمتَّع بما وهبنا ربنا، من أمًّا حانية، زوجة محبَّة، ولدًا صالحًا، صحة طيِّبة، رزقًا يكفيك، أناسًا يحبونك ويدْعون لك، عملاً ترغبه نفسُك، سيارة تقضي عليها احتياجاتِك، واقطع عنك الطَّمع، فإنه سبب الذل ورأس الخسارة.