ضحايا المجتمع والعادات والتقاليد

بقلم : د/ هاله فؤاد
العادات والتقاليد هي مجموعة من السلوكيات ، والقواعد ، والأعراف ، والقيم ، والطقوس التي تتوارثها الأجيال في مجتمع معين.
تساهم العادات والتقاليد في حفظ هوية المجتمعات المختلفة وتميزه عن المجتمعات الأخرى ، كما تنظم نواحي الحياة المختلفة من زواج واحتفالات ، وطقوس دينية .
تحافظ على التراث الثقافي كالأخلاق والمفاهيم ، والقيم التي يؤمن بها المجتمع .
العادات والتقاليد ترسم للفرد كيفية التصرف حتى في المواضيع التي لايقتنع بها ، فهناك عادات وتقاليد تعود بالسلب على المجتمعات ، فبالرغم من ايجابيات التمسك بالعادات والتقاليد للحفاظ على هوية وتماسك المجتمع ، على الجانب الآخر تصبح قيدا وسجنا ، ومعاناة ، وحرمان بعض الأفراد من حقوقهم ، وقد تكون سببا في الظلم ، بل وارتكاب الجرائم بزعم الحفاظ على العادات التقاليد والأعراف.
فالتقديس الأعمى لبعض العادات والتقاليد التي تتعارض مع الإنسانية تجعلها سجنا وقيودا .
ومن ضحايا العادات والتقاليد السيئة التمييز الذي يحرم المرأة من العديد من حقوقها ، فمثلا في بعض أماكن في الصعيد تحرم المراة من الميراث ، وتحرم المرأة في كثير من الأحيان من إتخاذ القرارات حتى المصيرية منها ، مثل الاجبار على الزواج بحجة ولاية الأب وأنه هو من يعرف صالح إبنته.
كلمة الأخ هي العليا على أخته وإن كانت أكبر منه ، وأكثر ذكاء وتعليم وثقافة .
في بعض الدول العربية الموظفة تأخذ راتب أقل على الرغم أنها يمكن أن تكون أكثر كفاءة من الموظف .
نظرة المجتمع للمطلقات : نظرات الشك والريبة وإلقاء اللوم عليهن ، أما المطلق فعادي هذا حقه شرعا وقانونا ولايعيبه شئ .
وهناك كلمة عيب التي أصبحت طوقا يقيد ويسجن ويقهر ويظلم .
فكلمة عيب في مجتمعنا لاتقال لتوجيه سلوك معين ، بل تستعمل كثيرا لاسكات الأصوات الحرة باسم الأخلاق والسمعة .
فيمنع النقد باسم الحفاظ على الصورة الاجتماعية ، والتعبير عن الرأئ حيث يقال له : اسكت ، عيب ، مايصحش.
وأيضا ضحايا الثأر والقبلية ، والتعصب .
في الواقع الذي دفعني لكتابة هذا المقال ، هو حادث فيصل المأساوي الذي راحت ضخيته أم وأطفالها الثلاثة ( رحمة الله تعالى عليهم ).
فهؤلاء ضحايا العادات والتقاليد المجتمعية ، فالزوجة تركت منزل الزوجية عدة مرات وطلبت الطلاق للمعاملة القاسية والغير إنسانية من الزوج .
وفي كل مرة الأهل يقومون باعادتها إلى منزل الزوجية ، تحت ستار عيب ، وإحنا مافيش بنات تتطلق عندنا .
هذه الزوجة التي ضاعت ضحية للعادات والتقاليد البالية ، جميع الأهل والجيران أشادوا بأخلاقها وأنها كانت كريمة الخلق ، مصلية، تسعى بالعمل لمساعدة زوجها على المعايش ، وتهتم في نفس الوقت بأولادها ، الذين أشادوا بأخلاقهم أيضا .
فإلى متى ستظل عادات وتقاليد بالية تهدم المجتمع وتكبله وتسجنه وتدمره .
لابد من وقفة بسن القوانين والتشريعات التي تلغي بعض العادات والتقاليد التي تتعارض مع العقل والأخلاق والإنسانية ومتطلبات العصر ، مع الحفاظ على الهوية .
العمل على سن قوانين صارمة لجرائم العنف والقتل باسم العادات والتقاليد وخاصة جرائم الشرف التي راحت ضحيتها العديد من البريئات ، اللاتي إكتشفوا برائتهن بعد قتلهن لمجرد كلمة أو إشاعة مغرضة دون التحقق من صحتها، حفاظا زورا وبهتانا على سمعة العائلة والقبيلة .
وهذا للأسف مايحدث في الوطن العربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *