الدراما والمجتمع : حين تصبح الجريمة مشهدا مألوفا

بقلم/د. هاله فؤاد

مانشهده اليوم في الشارع المصري من إنتشار للجريمة وتصاعد أعمال العنف من قتل بأساليب لم تكن موجودة
ولم نشاهدها من قبل في المجتمع المصري يضع الدراما في موقف المتهم الأول في إفساد المجتمع وجره إلى مستنقع الجريمة بكافة أنواعها .
فهل الدراما تعبر عن المجتمع ، أم هي التي
تشكله بما تبثة من مشاهد تؤثر فيه وتشكل سلوكياته وإتجاهاته .هناك من يقول أن الدراما مرآة تعكس مايدور في المجتمع
فهل مجتمعنا كله بلطجة وعنف وانحلال وعري ومخدرات .
اذا رصدنا مسلسلات رمضان الماضي ، ماذا نرى ؟ نرى البلطجة وعائلات تتناحر حول الوصول للآثار ، وتلك تناقش قصة حياة راقصة ، وأخرى مليئية بالألفاظ النابية ، ومشاهد العري .
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء في رمضانيات سابقة سنرى رأفت الهجان ، صيام صيام ، الوعد الحق ، وإذا عدنا بالذاكرة أكثر وأكثر سنجد قصة آية ، محمد رسول الله وغيرها من المسلسلات الرائعة حقا . لاتجد مشاهد عري ولامخدرات ولا ألفاظ بذيئة ، تجد الكلام راقي ،تجد مراعاة للآداب العامة ، وإحترام للأسرة التي تشاهد المسلسل ، لا توجد مشاهد خادشة للحياء .
بالإضافة إلى المضمون الذي يجعل أفراد الأسرة تتناقش ويكون هناك حوار أسري ممتع ومثمر .
الآن ماذا يناقشون ؟ أين القضية ؟ ما الاستفادة مما يبث ؟
إن الدراما التليفزيونية لها تأثير قوي على المراهقين والشباب فهم يقلدون مايشاهدونه خاصة إذا كان الممثل محبوب .
للأسف الدراما خلقت جيل متصالح مع العنف ويعتبره شئ عادي ، ولايشعرون بأي غضاضة تجاهه .
يرى بعض الباحثين أن الدراما ليست في حد ذاتها شرا ، بل طريقة تناولها للعنف والجرائم ، خاصة عندما تقدم البطل العدواني كنموذج إيجابي ، أو تتجاهل عواقب سلوكه ، وهذا على فكرة مايحدث بالفعل .
إن خطورة التعرض لمشاهد العنف المتكررة تكمن في زيادة نزعة المخاطرة لدى الأطفال والمراهقين وخاصة لدى من لهم ميول عدوانية مسبقة ، فهؤلاء يكونون أكثر إنجذابا وتأثرا بمشاهد العنف .
يصاب من يشاهد مشاهد العنف بكثرة وباستمرار بالامبالاة ، فيصبح غير مبال ،ومتبلد الاحساس تجاه العنف ، وينظر إليه كشئ عادي وطبيعي .
الطفل بالأخص يخلط الخيال بالواقع ، فيعتقد الطفل أن ما يشاهده من عنف عادي وشجاعة و بطولة .
اتمنى من المسؤولين الرقابة على كل مايبث عبر التليفزيون والفضائيات ، وحذف جميع مشاهد العنف بكافة أنواعه ، وأيضا مشاهد العري والرقص الخليع ، والألفاظ النابية والبذيئة .
ونرجع للدراما التي كانت تركز على القيم الأخلاقية و القيم الأسرية مثل بابا عبده مثلا.
نركز على النماذج المشرفة مثل مسلسل مصطفي على مشرفة .
وبدل مانقدم نموذج الراقصة ، نقدم نموذج عالمة الذرة سميرة موسي .
ونستبدل نموذج الشاب التافه الذي يحتسي المخدرات او الكحوليات ويتباهى بكم البنات حوله ، إلى الشاب الذي يدرس ويعمل في نفس الوقت للصرف على نفسه وأهله .
أو الشاب الغني الذي يقضى وقته في القراءة والبحث ومساعدة الآخرين .
هذا يتطلب منتجين لايلهثوا وراء المال فحسب ، بل منتجين على وعي بأهمية مايقدمونه للمجتمع ، وكذلك مؤلفين ومخرجين لايبحثون عن الشهرة السريعة التي تزول بسرعة كما جاءت بسرعة .
مايقدمه المؤلف من قضايا تهم المجتمع ويحاول وضع حلول لها ، حتى وإن لم تحظى بمشاهدة وترند باللغة الدارجة الآن ، لكن يكفيه أنه يحترم نفسه ومجتمعه ، وطالما هذه هي نيته فسينجح ، إن شاء الله تعالى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *