القصص في العصر الجاهلي

شريف هاشم : بغداد
عصر الجاهلية : يُعرف الدارسون العصر الجاهلي بأنّه الفترة الممتدّة قبل بعثة النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلّم ، والتي استمرّت قرنًا ونصف ، وسمّي بالعصر الجاهلي لِما شاع فيه من جهل في الدين ، أيْ أنهم كانوا جاهلين في الدّين لا جاهلين في العلم ، وامتاز هذا العصر بالشعراء الذين كانت تُروى أشعارهم ، كما كانوا ينشدون قصائدهم في الأسواق كسوق عكاظ ، ويعد الشعر الجاهلي أجود الشعر، كما ذكر بعضُ الدارسين معرفة العرب للنثر لكن الحقيقة أن تركيز العرب الأكبر كان على الشعر لا على النثر.**
**النثر في العصر الجاهلي : أنّ النثر ما يقصد صاحبه إلى التأثير في نفوس السامعين والذي يحتفل فيه من أجل ذلك بالصيغة وجمال الأداء ، وهو أنواع: منه ما يكون قصصًا ومنه ما يكون خطابة ، أو رسائل أدبية مُعبرة ، ويسمى هذا النثر بالنثر الفني ، ويرى أننا لا نملك وثائق جاهلية صحيحة تدل على أن الجاهليين عرفوا الرسائل الأدبية ، إلا أنهم عرفوا القصص والأمثال والخطابة وسجع الكهان ، ولقد كانت رواية النثر الجاهلي قليلة بجانب ما روي من الشعر وذلك لعدة أسباب: الاهتمام بنبوغ شاعر في القبيلة يدافع عنها ويفخر بها ، فكانت القبيلة التي تملك شاعرْا قبيلة يعترف بمكانتِها ، ولا يقطع ذكرها بسبب رواية شعر شاعرها وقلّة التدوين أو انعدامه ، والاعتماد على الحفظ والرواية وسهولة حفظ الشعر لما فيه من إيقاع موسيقيّ.**
**القصص في العصر الجاهلي : لم يدوّن الجاهليّون شيئًا من نثرهم ولا شعرهم ، وهذا لا ينفي معرفتهم للكتابة ، بل عرفها بعضهم واستخدموها في المهمّ فقط ، وقد كان عندهم أنواع من النثر منها القصص التي شغفوا بها شغفًا كبيرًا، وساعدهم على ذلك فراغ الوقت ، حيث كان الراوي يبهر السامعين بما يضيفه على القصة من خياله وفنه ، فمرة يضحكهم ومرة يحزنهم، وقد استمدوا مادة قصصهم من الأساطير والخرافات السائرة المتنقلة بين الأمم ، ومن الأخبار والأحاديث الخرافية والتاريخية المأثورة، وقد وصلت إلينا بعض هذه القصص عن طريق الرواة واللغويين في العصر العباسي حيث دونوا ما وصل إليهم ، ولا شك أن الكثير منها قد تغير وانحرف عن أصوله لطول المسافة والزمن بين العصر الجاهلي والعصر العباسي ، ولكنها ظلت تحتفظ بسمات القَصص القديم.**
**أنواع القصص في العصر الجاهلي تنوّعت القصص في العصر الجاهلي بتنوّع الأحوال فكانوا في كلّ جلسة سمر يروون قصصًا مختلفة واقعية ومنها من وحي الخيال ، وقد امتازت القصص في العصر الجاهلي بالمتعة والتشويق، وتصوير الواقع، ومن الموضوعات التي كان يتداولها الناس في قصصهم في ذلك العصر: أيامهم وحروبهم وما سجله أبطالهم من انتصارات وما مُنيت به بعض قبائلهم من هزائم منكرة ، وكانوا يقصون كثيرًا عن ملوكهم من الغساسنة والمناذرة كانوا يقصون عن ملوك الأمم الأخرى ، وقصوا عن كهانهم وشعرائهم وساداتهم وقصوا كثيرًا عن الجن والعفاريت والشياطين والقص على ألسنة الحيوانات.**