المغالطات على وسائل التواصل الاجتماعي   

كتب / عاطف البطل

كاتب صحفي وعضو جمعية الصحفيين الإماراتية .

في ظل الثورة الرقمية التي نعيشها الآن، فإن بعضنا إن لم يكن معظمنا يشارك في أحد الموضوعات التي تطرح للنقاش، وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء أكانت هذه الموضوعات اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية، إذ انتشرت بصورة كبرى بين الصغار والكبار، فبات الأمر أكثر تسلية منه إفادة واستفادة. فالكل يجد ذاته في المشاركة، سواء أكانت نيته التسلية أم تضييع وقت الفراغ، أم كان صاحب قضية مهمة يعرض رأيه فيها، فلعل الله يحدث أمرا.

ومن خلال متابعتي لبعض الموضوعات أو مشاركتي في النقاشات وجدت فئة من الأفراد يقومون بالتضليل، سواء أكان ذلك بقصد أم دون قصد، وقد تبدو عليهم مظاهر العلم والثقافة، وقد تجد عندهم الإحاطة بما يقال، فلا يردون على الفكرة المطروحة، وإنما يقومون بالدخول في أفكار أخرى تصرف الأنظار وتشتت الأذهان، وقد ينجحون في ذلك فينجذب جزء كبير من الجمهور معهم، بل ويؤيدهم.

 

إن ما يفعلونه أمثال هؤلاء يمكن أن يندرج تحت مسمى” المغالطات “وهي مسألة مهمة جدا، يجب أن ينتبه لها الجميع كي لا يقع فريسة بين مخالبها، فإن وقع كان في بؤرة التضليل، وأصبح يرى الخطأ صوابا.

فعندما نشاهد جدالا بين عدة أشخاص، علينا أن نناقش ذهنيا ما يتم طرحه من أفكار، سواء أكانت هذه الأفكار صادرة من صديق أم غريب، وعندئذ سوف ندرك أنّ بعضهم يستخدم المغالطات في دحض أو تأييد فكرة معينة بقصد أو دون قصد، فالمغالطات عبارة عن أغلفة تغلف الأخطاء فتبدو في صورة غير صورتها الحقيقية.

وأنت عندما تعرض قضية معينة وتستخدم حجتك المنطقية لإقناع الأخرين، قد تجد شخصا غير قادر على الرد بأدلة منطقية، فماذا يفعل؟

إنه يعمل على تحييد حجتك، فيعرضها بطريقة مغالطة؛ حتى يوهم الآخرين أنّ حجتك ضعيفة، ويقوم بالرد على حجته الضعيفة التي أوردها هو وليس على حجتك القوية، فيوهم الناس بأنه تغلّب عليك وهزمك.

وسوف أسوق بعض الأمثلة حتى تتضح الصورة أكثر، حيث كان “يوم المرأة العالمي ” وبدأ بعضهم يكتب عن مكانة المرأة وتميزها وفضلها، خصوصا إن كانت أما، هذا هو محور الحديث.

ولكنك تفاجأ بشخص يرد عليه قائلا: هناك حديث صحيح يقول: إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وهي ناقصة عقل ودين، فكيف تمجدون في المرأة، فمهما فعلت المرأة تظل امرأة ولن تتفوق على الرجل، ويسوق في الأدلة التي تؤكد وجهة نظره …

ويتحول الحوار من الموضوع الأساسي وهو “يوم المرأة العالمي” إلى موضوع آخر تماما، وهو خلق المرأة من ضلع أعوج وأنّها ناقصة عقل ودين، وهل هي أفضل أم الرجل، وتبدأ الخلافات تسود بين الطرفين، وينضم فريق إلى الطرف الأول، في حين ينضم فريق آخر إلى الطرف الثاني.

وهكذا يبدو للبعض أنّ الطرف الثاني قد انتصر على الطرف الأول، رغم أنّه انتصار زائف؛ لأن الحجج التي ساقوها لا تنصب على الفكرة الرئيسة المطروحة للمناقشة، وإنما قاموا بعرض فكرة أخرى قد تكون لها علاقة بالفكرة المطروحة، وانبروا يسوقون الأدلة التي تؤكد مزاعمهم؛ لتثبت انتصارهم الزائف وهم يدركون ذلك جيدًا.

فعليك عزيزي القارئ أن تنظر حولك جيدا، وأنا أثق أنك تجد الكثير من المغالطات التي يستخدمها الكثير من حولك سواء بقصد أم دون قصد، فاحذر أن تقع في براثنها، وحاول أن تفند حججها بصورة واعية منطقية، ولا تجعل الآخرين يعبثون بفكرك، فيقنعوك بصحة الخطأ وخطأ الصواب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *