وقاية المؤمن من النار

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، هو محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم هذا الاسم الأعلم، إذا ذكر ذكرت معه الفضيلة في أجمل صورها، وذكر معه الطهر في أرقى مشاهده، وذكر معه العدل في أسمى معانيه، محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم اسم كتب بحروف من نور في قلوب الموحّدين، فلو شققت كل قلب لرأيته محفورا في النياط مكتوبا في السويداء، مرسوما في العروق، محمد صلي الله عليه وسلم صاحب الغرة والتبجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيد بجبريل، حامل لواء العز في بني لؤين.
وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، بشّرت به الرسل، وأخبرت به الكتب، وحفلت باسمه التواريخ، وتشرفت به النوادي، وتضوعت بذكره المجامع، وصدحت بذكراه المنائر، ولجلجت بحديثه المنابر، عصم صلي الله عليه وسلم من الضلالة والغواية، فكلامه صلي الله عليه وسلم شريعة، ولفظه دين، وسنته وحي، سجاياه صلي الله عليه وسلم طاهرة، وطبيعته فاضلة، وخصاله نبيلة، ومواقفه جليلة، تواضعه جمّ، وجوده عمّ، ونوره تمّ، فهو صلي الله عليه وسلم مرضي الفعال، صادق الأقوال، شريف الخصال، ليّن الجانب، سهل الخليقة، يسير الطبع صلي الله عليه وسلم ظاهر العناية، ملحوظ بعين الرعاية، منصور الراية، موفق محظوظ، مظفر مفتوح عليه صلي الله عليه وسلم، أصلح الله قلبه.
وأنار له دربه، وغفر له ذنبه فهو صلي الله عليه وسلم المصلح الذي عمر الله به القلوب، وأسعد به الشعوب، وأعتق به الرقاب من عبودية الطاغوت، وحرّر به الإنسان من رقّ الوثنية، ويفرّ المسلمون في حنين ولا يبقى إلا ستة من الصحابة، فيتقدم صلى الله عليه وسلم على بغلته الى جيش الكفار المدجج بالسلاح الكثير العدد القوي البأس، فيرميهم بحفنة تراب بيده ويقول صلي الله عليه وسلم ” شاهت الوجوه” وهذا غاية الثبات ونهاية الشجاعة فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فإن تقوى الله سبحانه وتعالى لمن أعظم القربات إليه، فجدير بالمسلم المؤمن أن ويتقي ربه لأنه محاسبه على كل صغيرة وكبيرة مما يأتي ويذر، ومفهوم التقوى ومعناها أن يجعل المرء بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تحول دون مغبته.
وتقوى الله تكون الطاعة واجتناب المعصية، ولا أدل على حب الله تقواه من ذكرها وتكرارها في غير آية من سور القرآن الكريم، وكثيرا ما يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتقوى ويحث عليها يقول صلى الله عليه وسلم “اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق أحسن” ويكررها صلى الله عليه وسلم في كل خطبة يخطبها في المسلمين، وفي كل وصية يوصيهم بها، فاللهم اجعلنا من المتقين المتبعين، وهذا سيد الخاشعين لرب العالمين، وإمام الخائفين من مالك يوم الدين هو خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، فقد كان نديّ الجفن، سريع العبرة، سخيّ الدمع، رقيق القلب، جياش العاطفة، مشبوب الحشا، تنطلق دمعته في صدق وطهر، ويسمع نشيجه في قنوت وإخبات.
يترك بكاؤه في قلوب أصحابه آثارا من التربية والاقتداء والصلاح ما لا تتركه الخطبة البليغة والمواعظ المؤثرة، فهو يبكي صلى الله عليه وسلم عند تلاوة القرآن، فقد قام ليلة من الليالي يكرر قوله تعالى ” إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم” فيبكي غالب ليله صلي الله عليه وسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *