أخذ الأجرة على تلاوة القرآن

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا شكل ولا صورة له ولا جسد ولا أعضاء له ولا حيز ولا مكان له ولا كمية ولا كيفية له ولا جوارح ولا أدوات له هو الله الخالق القادر المنزه عن صفات خلقه وهو القائل عن نفسه عز وجل “ليس كمثله شىء وهو السميع البصير” وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيّا من أنبيائه، فالصلاة والسلام عليك سيدي يا علم الهدى يا رسول الله أنت طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها، فاللهم صلي وسلم وبارك وأعظم على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد.
وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ثم أما بعد إن من السنة النبوية الشريفة هو المبادرة بتجهيز الميت، وتغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، والدعاء له، وقضاء دينه، والإهتمام بهذا كله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المسلم أن يغلو في العزاء، فقال جرير بن عبدالله رضي الله عنه “كنا نعد صنع الطعام لأهل الميت، والإجتماع عليه من النياحة” يعني أن أهل الميت لا يصلحون الطعام لغيرهم، لكن إذا أتى من غيرهم فلا مانع، من غير غلو، أو دعوة إليه، أو تحويل العزاء إلى موائد ضحك وسرور، وكأن الموت لم يكن، فإن الموت فيه عظة “كفى بالموت واعظا” وزاجرا، فصنع الطعام جائز، لكن بطريقة لا تقتضي المبالغات، وإن بعض أبناء المسلمين يغالون في التعزية فتراه يخرج من بيته، ويستأجر إستراحة، أو فندق.
ليقيم فيه العزاء، وهذا خلاف المشروع، فالعزاء مشروع في البيت، في السوق، في المسجد، في أي مكان، أما تخصيص موضع، أو إستئجار مكان، والخروج من البيت لضيقه، وإتخاذ مكان فسيح لذلك، هذا إنفاق في شيء ما شرعه الله، فلينتبه لذلك، ولنهتم بالأمر الشرعي، فإن هذه المصائب مصائب لكن المؤمن موقفه الرضا والتسليم، لا إفراط ولا تفريط، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحداد على الميت أكثر من ثلاثة أيام، وإنما شرع فوق ثلاثة أيام فقط، وما سوى ذلك فالأصل عدم هذه الأمور، وأما أخذ الأجرة على تلاوة القرآن فليس محل خلاف بين أهل العلم، بل محل الخلاف فيما كان نفعه متعديا من تعليم للقرآن أو علاج به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم طلب الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله”
وقال هذا الحافظ في كتابه الفتح وأخرجه ابن أبي الدنيا، وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود رضي الله عنه” وأما إذا مات الميت ورفعوا أصواتهم بالقرآن من خلال المسجلات في بيت الميت فهذا العمل بدعة بلا شك، فإنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه، والقرآن إنما تخفف به الأحزان إذا قرأه الإنسان بنفسه بينه وبين نفسه، لا إذا أعلن به على مكبرات الصوت التي يسمعها كل إنسان حتى اللاهون في لهوهم، حتى الذين يستمعون المعازف وآلات اللهو تجده يسمع القرآن ويسمع هذه الآلات وكأنما يلغون في هذا القرآن ويستهزئون به، ثم إن إجتماع أهل الميت لإستقبال المعزين هو أيضا من الأمور التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إن بعض العلماء قال إنه بدعة ولهذا لا نرى أن أهل الميت يجتمعون لتلقي العزاء، بل يغلقون أبوابهم وإذا قابلهم أحد في السوق، أو جاء أحد من معارفهم بدون أن يعدوا لهذا اللقاء عدته.
ودون أن يفتحوا الباب لكل أحد، فإن هذا لا بأس به، وأما إجتماعهم وفتح الأبواب لاستقبال الناس فإن هذا شيء لم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والنياحة كما هو معروف من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة وقال “النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *