الدكروري يكتب عن عقاب الحرام عند الله تعالي

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ” أفضل الأعمال إدخال السرور على مؤمن، كسوت عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجة” وإن على كل قادر على بذل المعروف، وقضاء حاجة أخيه المسلم، أو المساعدة في ذلك والمشاركة فيه أن يسهم على قدر جهده وطاقته ومكانته، وأن يحتسب أجر ذلك عند الله تعالى” حيث قال صلى الله عليه وسلم ” تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، فقالوا أعملت من الخير شيئا؟ قال لا، قالوا تذكّر، قال كنت أداين الناس، فآمر فتياني أن ينظروا المعسر، ويتجاوزوا عن الموسر، قال صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه، فتجاوزوا عنه” رواه البخاري ومسلم.
ثم إن ما تبذله من جاه أو عون أو مساعدة قد تحتاجه في قابل الأيام، فقد تصير في موقف أنت في أمس الحاجة فيه إلى من يعينك، وينقذك فيه من مأزق صعب وقعت فيه، وإن في الشريعة الإسلامية الحرام حرام على كل الناس، وعلى كل الأجناس، وفي كل مكان، وفي كل زمان، وفى كل المستويات، فموضوع الاستثناءات لا يوجد أبدا، فإن هذا هو الدين، فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ألم يقل لجبلة بن الأيهم، أرضي الفتى، لابد من إرضائه، مازال ظفرك عالقا بدمائه أو يهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلته كفك، فقال كيف ذلك يا أمير؟ هو سوقة وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضا؟ فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها، أقمنا فوقها صرحا جديدا.
وتساوى الناس أحرارا لدينا وعبيدا، فقال جبلة كان وهما ما جرى في خلدي أننى عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، فقال عمر بن الخطاب عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى، وهذا هو الإسلام سواسية مطلقة، وكذلك فإن الحرام حرام على كل الأشخاص، والله عز وجل وصف خلاف هذه الحالة عند اليهود، فقال تعالى فى سورة آل عمران “ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون” فأى إنسان غير اليهود، وأنت كمسلم جاءك شخص غير مسلم يخطر ببالك ولو لثانية واحدة أن تأخذ منه أجرة مضاعفة أو تضحك عليه؟
فإن فعلت هذا تكون لا تفقه في الدين شيئا، بالعكس ربما كان عقابك عند الله أشد لأنه كافر، لأن لو عنده اعتقاد بسيط بالدين نفرته منه، فيقول هكذا عمل معي المسلم، لذلك الحرام حرام على كل الأشخاص، فلا يوجد فيه استثناءات أقوام، أو فئات، أو طبقات، أو طوائف، أو عصور، أو أزمنة، أو رجال دين، فإن الحرام حرام، وصاحب أكبر كتاب في تاريخ الحضارة يقول إن كل الجماعات البشرية تقريبا تكاد تتفق في عقيدة كل منها بأن سائر الجماعات أحط منها نظرة بدائية متخلفة تفتقر إلى المنطق والواقع، فكل فئة تقول نحن أفضل الناس، وعلى سبيل المثال تجد القبائل الهندية في أمريكا تقول الناس نحن ولا ناس سوانا، نحن فقط، وكل إنسان أفقه ضيق، يتوهم أنه سيد المخلوقات وما سواه لا شيء، وإن هذا كله الإسلام رفضه رفضا قاطعا، وقال بأن الناس سواسية كأسنان المشط.