الهوية الضائعة

بقلم / سعيد الشاهد

” إن كل قصة، وكل تجربة، وكل خطأ تعلمناه، وكل نجاح حققناه، هو كنز يمكن أن يضيء طريقًا مظلمًا لشخص آخر”
“الإنسان بلا هوية هو إنسان ضائع” الهوية هي أساس الوجود الإنساني وتحديد الذات، فبدونها يفقد الإنسان وجهته ومعناه وقيمته، ويصبح عرضة للضياع والانجراف وفقدان الارتباط بجذوره وثقافته ودينه ووطنه.
لكن في بعض الأحيان يواجه البعض مرحلة “فقدان الهوية” أو “أزمة الهوية”، وهى شعور الشخص بالضياع والارتباك حول هويته الحقيقية، مما يجعله يشكك في قيمه ومعتقداته وأهدافه في الحياة ويشعر بالانفصال عن الذات والآخرين. ودائم التامل في حياته يومًيا، ويكتشف أنه بعيدا كل البعد عن تحقيق أحلامه التي طالما حلُم بها وعمل جاهدا من أجلها ، واكتشف أنه ما عاد يعرف نفسه أو موهبته أو الشيء المميَّز الذي فيه، ويستشعر بالرثاء لنفسه لما أصبح عليه ، ويصل به الامر أنَّه ما عاد يرغب في فعل شيء ويميل للاكتئاب وعدم الاكتراث لنفسه، ويفقد اهتمامه بالحياة ولم يعد يرغب في تجربة أمور جديدة .
” وتحدث بسبب تغييرات كبيرة في الحياة ”
مثل التهجير من الوطن ، أو فقدان عزيز ، أو صدمات متتاليه، أو تحديات كبيرة تواجه الشخص مثل الزواج أو الوظيفة …
“وتتنوع أزمات أو فقدان الهوية إلى مراحل عمرية”
(أزمة فترة المراهقة) وهى فترة انتقالية تتسم بتغيرات جسدية وعقلية وعاطفية، والبحث عن شخصية لنفسه تناسب افكارة ومعتقداتة، وقد تظهر على شكل تغيرات سلوكية وعصبية مثل القلق، الاكتئاب، مما يتطلب فهمًا ودعمًا خلال هذه الفترة .
(أزمة منتصف العمر) وهى فترة انتقالية يمر بها بعض الأفراد في منتصف العمر (عادة ما بين 40 و60 عامًا)، حيث يُعيد الشخص تقييم حياته، ويشعر بالقلق وقد ترافقها أعراض كالحزن والاكتئاب والتقلبات المزاجية حيال تقدم العمر، وقد يسعى لإجراء تغييرات جذرية في نمط حياته .
( أزمة اواخر العمر ) وهى فترة يسيطر عليه شعور قاسٍ بأن دوره قد انتهى، وأن قيمته تلاشت، وأن الحياة لم تعد تحتاج إليه. وهى شعور بالقلق وفقدان المعنى والأهمية في الحياة نتيجة مواجهة تحديات الشيخوخة، بما في ذلك التغييرات الجسدية، وفقدان الأحباء، والتفكير في نهاية الرحلة الحياتية، وقد تترافق مع الاكتئاب أو العزلة أو محاولات التعويض .

“للمحافظة على هويتك في الحياة، والخروج من هذه الأزمة”
من خلال العودة إلى الإيمان بالله ، واتخاذ الأسوة الحسنة في الرسول صلى الله عليه وسلم، والاعتزاز بالهوية الدينية. بالاضافة الى ذلك تدوين مشاعرك وأفكارك بدلاً من قمعه لتجنب الانفجار النفسي لاحقاً ، ركّز على اكتشاف الذات من خلال الانفتاح على تجارب جديدة، أو هوايات مختلفة، وتعزيز الشعور بالذات. فالشخص الذي يشعر أن عطاءه قد توقف، يمكنه أن يكتشف أن دوره الحقيقي قد بدأ للتو، دور الحكيم ، دور الملهم. يمكنه أن يزرع الأمل في قلوب من حوله . إن كل قصة، وكل تجربة، وكل خطأ تعلمناه، وكل نجاح حققناه، هو كنز يمكن أن يضيء طريقًا مظلمًا لشخص آخر . الحياة لا تتوقف عند نقطة معينة، بل تتجدد باستمرار. إن الموت الحقيقي ليس موت الجسد، بل موت الشغف والأمل. دعونا نكسر قيد هذا الشعور ونؤمن بأن لكل منا دورًا لا يزول . فالحياة دائمًا ما تمنحنا فرصة ثانية، وكل يوم جديد هو صفحة بيضاء يمكننا أن نملأها بشغفنا وعطائنا. الحياة تبدأ حينما نؤمن بأنها لم تنتهِ بعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *